إنقاذ المنحرف عن طريق الله
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، إن الإيمان بالله عز وجل هو أن تحقق الإيمان في أفعالك وأحوالك وأن تترجم الإيمان ترجمة حرفية فورية في معاملتك مع الخلق، وكذلك فإن المهاجر هو من ترك ما نهى الله تعالى عنه، وكذلك المجاهد فهو من جاهد نفسه في طاعة ربه ومولاه جل في علاه، وإن من أسباب جلب رحمات الله تعالي هو إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، ومن أسباب حصول الرحمة أن يدعو المسلم باسم الله الرحمن الرحيم فإن ذلك أرجى لحصول الرحمة، فيسأل لكل مطلوب بالاسم المقتضي لذلك المطلوب المناسب لحصوله، ولقد أرشدنا الرحمن الرحيم إلى وسيلة أخرى من وسائل حصول الرحمة الربانية ألا وهي الاستغفار.
فقال العزيز الغفار ” لولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون” فكثرة الاستغفار والتوبة من أسباب تنزل الرحمات الإلهية، والألطاف الربانية، والفلاح في الدنيا والآخرة، ولقد فطر الله عز وجل علي الفطرة السليمة التي لا تشوبها شائبة، وإن الانحراف عن هذه الفطرة السليمة يحصل نتيجة تربية الوالدين والمجتمع الذي يعيش فيه، وكذلك فإنه لا يكذب ولا يخاف ولا يخون إلا نتيجة تلقيه ذلك الانحراف من مجتمع عاش فيه، ولهذا أنكر الله تعالى على المشركين الذين يعبدون غيره وأنكر على جميع الكافرين به حجتهم الباطلة، وهي أنهم وقعوا في الشرك وهو عبادة غير الله، وتأليه ذلك الغير تقليدا لآبائهم عندما وجدوهم على هذا الانحراف وبين لهم أنه لا عذر لهم في التقليد الأعمى وقد أعطاهم الله عقولا وفطرة سليمة.
هداهم بها إلى الحق لكنهم حادوا عنه إلى الباطل وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح ” ما من مولود إلا ويولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه” ولم يقل أو يمسلمانه لأنه وُلد مسلما ولهذا قال العلماء الأطفال كلهم في الجنة إذا ماتوا حتى أطفال الكفار على الصحيح، ويبين الله سبحانه وتعالى في القرآن العظيم أن الذين يستغيثون بأصحاب القبور ويطلبون منهم الحاجات وتفريج الكربات وشفاء المريض ويعتقدون فيهم أنهم يعلمون الغيب ويدبرون الكون بحجة باطلة، هي حجة مشركي الجاهلية الذين يقولونه عن آلهتهم التي يعبدونها، وهي أصنام ترمز لأنبياء مثل عيسى عليه السلام وصالحين مثل مريم عليها السلام وود وسواع ويغوث ويعوق ونسرا، فيقولون.
” هؤلاء شفعاؤنا عند الله” ويقولون ” ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى” ويبين الله سبحانه أن هؤلاء الذين يعبدون أصحاب القبور ولو كانوا أنبياء أو أولياء وكذلك الذين يعبدون شيوخ الضلال، يبين سبحانه أنهم كفار مشركون وإن كانوا يدّعون الإسلام وينطقون بالشهادتين ويصلون ويصومون ويحجون البيت، وبهذا يتبين أن أعظم حقوق الإنسان التي تجب المحافظة عليها حماية له من الشقاء المحتوم في الدنيا والآخرة وحفظ عقيدته التي هي حق الله على عباده، وهي أن يعبده وحده لا شريك له، وبهذا يعلم جميع المشركين وفي مقدمتهم زعمائهم أنهم قد أضاعوا أعظم حقوقهم وهو عدم دخولهم في الإسلام، وتحكيم الشريعة الإسلامية التي جاءت في القرآن العظيم وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
إلى الناس أجمعين وهو محمدصلى الله عليه وسلم وكان الواجب الأكبر على كل عاقل في العالم رئيس أو مرؤوس أن يعمل إلى جانب إنقاذ نفسه على إنقاذ الإنسان المنحرف عن عقيدة الإسلام بدعوته إلى الدخول فيه وتعلم القرآن العظيم وسنة سيد المرسلين محمدصلى الله عليه وسلم والعمل بذلك لكي يسعد في الدنيا والآخرة لأنه لا سعادة للإنسان إلا بتحرره من عبادة المخلوق إلى عبادة الخالق وهو الله رب العالمين، الإله الحق وحده لا شريك له، ونأتي إلى حق آخر من حقوق الإنسان، وهو حرية العقيدة والاعتقاد، فنجد هذه الحرية مصونة في الإسلام، فالدين مِن الضروريات التي يحفظها الإسلام لبنى البشر أيا كانت ديانتهم وعقيدتهم.إنقاذ المنحرف عن طريق الله