الطريق المؤدي إلي الشقاء
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، الذي كان من صبره صلى الله عليه وسلم أنه عندما اشتد الأذى به جاءه ملك الجبال يقول يا محمد إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا” والأخشبان جبلا مكة أبو قبيس وقعيقعان، وكما كان صلي الله عليه وسلم دمث الأخلاق ليس بفاحش ولا مُتفحش في الألفاظ، وحياؤه أشد من العذارء في خدرها، عفّ اليد لم يضرب أحدا في حياته، حيث قالت السيدة عائشة رضي الله عنها “ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده، ولا امرأة ولا خادما، إلا أن يجاهد في سبيل الله، ولم ينتقم لنفسه بل يعفو ويصفح، وإذا خُير بين أمرين أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما ”
وكما كان صلي الله عليه وسلم طلق الوجه حيث قال جرير بن عبدالله رضي الله عنه “ما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم قط إلا تبسم” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه اجمعين، أما بعد لقد أمر الله عز وجل المسلم أن يكون إنسانا صالحا يتعدى نفعه وإصلاحه إلى جميع البشر حتى غير المسلمين حيث أمره الله أن يحسن إليهم بإنقاذهم من الكفر المؤدي بهم إلى الشقاء في الدنيا وفي الآخرة بعد الموت، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضى الله عنه إلى اليمن “إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فإن هم أجابوك فأخبرهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة،
فإن هم أجابوك لذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم، فإن هم أجابوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتقى دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب” وقال صلى الله عليه وسلم “لئن يهدي الله بك رجلا واحدا خيرا لك من حمر النعم” أي أغلى من جميع ما يحبه الإنسان من المال في الدنيا، وهذا بخلاف المناهج البشرية لأنها تدعو الإنسان إلى أن يكون مواطنا صالحا، أي يقتصر إصلاحه على وطنه فقط، وأمر الله سبحانه المسلم أن يرحم من في الأرض حتى الطير والحيوان، فقال صلى الله عليه وسلم ” ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء” وقال “من لا يرحم الناس لا يرحمه الله” وحرم الله تعالى في الإسلام أذى الناس في طرقاتهم وفي أماكن اجتماعهم وفي متنزهاتهم وفي كل أحوالهم.
وأمر المسلم أن يزيل الأذى عن الطريق وأن يعين الضعيف وأن يطعم الجائع ويكرم الضيف ولو كان غير مسلم، وأمره أن يرحم الأيتام والعجزة وأن يكفلهم وقال صلى الله عليه وسلم “أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة” وجمع أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام، ويهتم الإنسان المسلم بالتزاماته العبادية مع الله كالصلاة والصوم والحج، ويحرص على تأديتها حسب الأحكام الشرعية، متقربا بذلك إلى الله تعالى، وما ينبغي التأكيد عليه هو أن احترام مشاعر الناس، ورعاية حقوقهم المعنوية، لا يقل أهمية عند الله تعالى من تلك العبادات والشعائر الدينية، بل يظهر من بعض النصوص والأحكام أولوية حقوق الناس، كما ورد عن الإمام علي رضى الله عنه “جعل الله سبحانه حقوق عباده مقدمة على حقوقه، فمن قام بحقوق عباد الله كان ذلك مؤديا إلى القيام بحقوق الله”الطريق المؤدي إلي الشقاء