الدكروري يكتب عن القضاء على الجريمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد صلي الله عليه وسلم، الذي قام بمبايعة الأنصار في بيعة العقبة الأولى والثانية حيث أتى وفد من الأنصار يبلغ عددهم اثني عشر رجلا إليه صلي الله عليه وسلم ليبايعوه على توحيد الله سبحانه وعدم السرقة وعدم الوقوع في الزنا أو المعاصي أو القول الزور، وتمت تلك البيعة في مكان يسمى العقبة ولذلك سميت ببيعة العقبة الأولى، وأرسل معهم الرسول صلي الله عليه وسلم مصعب بن عمير يعلمهم القرآن ويبيّن لهم أمور الدين، وفي العام التالي في موسم الحج قدم إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم ثلاث وسبعون رجلا وامرأتين ليبايعوه، وتمت بذلك بيعة العقبة الثانية، أما بعد فإن الإسلام قد وضع قاعدة قوية في القضاء على الجريمة.
في تحريمه الأمور التي تتسبب عنها، أو تدعو إليها كالخمر والزنا والربا والميسر، ثم بوضعه قواعد تريح العالمين بها وفق منهج سليم يرضي النفوس، ويعطى كل ذي حق حقه، ويمنع التعدي، ثم يفرض جزاءات تجتث الشرور من المجتمع، لأن من فيه نزعة شر لا يرتاح، إلا بإزعاج الآخرين، ومثل هؤلاء كالجرثومة التي لابد أن تكافح، أو كالعضو الفاسد لابد من بتره، وإلا استشرى الداء في الجسد كله، وإن من تمعن في مدلول الآيات الكريمة، يدرك الإسلام الصارم في القضاء على الأمور التي يترتب عليها إخلال بالأمن، وإزعاج للبشر، وإضرار بالأمة، ومعلوم بأن رأس المال جبان لا يطمئن إلا بالأمان، ولا يتحرك وينمو إلا مع الأمن الوطني، والقضاء على مثيري القلاقل الآخذين بجهد الآخرين.
المخيفين للسبيل، وذلك بسلطة تجازيهم في الدنيا، وتقطع دابرهم من المجتمع، وعمل هذه السلطة يدعمه تشريع قوي، ولا أقوى من حكم الله ورسوله وتطبيقهما يخيف من تسوّل له نفسه العمل بمثل عملهم” فإن الإسلام قضى على ذلك بحسن التوكل على الله، وملء القلب إيمانا بخشيته ومراقبته، فعن بن مسعود رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات يكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد، فوالله الذي لا إله غيره، إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها.
وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها” ويقول النبى صلى الله عليه وسلم في حسن التوكل، وتسليم الأمر لله ” لو تتوكلون على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير، تغدو خماصا وتروح بطانا” وحسن التوكل على الله لا يكون إلا مع كمال الإيمان، ذلك العمل الذي يطمئن النفوس ويزيل عن القلوب القلق والضجر، وإن من أهم انواع الأمن هو الأمن الاجتماعي، وهو الحالة التي تفرض وجود تنظيم اجتماعي اتفاقي يحقق شعور أفراد المجتمع بالانتماء إلى بلدهم ومجتمعهم.