الرئيسيةقصةإمراة في حياتي 
قصة

إمراة في حياتي 

إمراة في حياتي 

بين ذكريات الماضي وغموض الحاضر، تتجلى قصص القلب والحياة، حيث تتقاطع الأقدار ، و تتصادم المشاعر، وتولد لحظات لاتنسى بين حيرة الذاكرة ورقةالمشاعر، لتكشف مع كل فصل فصلا جديدا من حياته….

إمراة في حياتي 

تاليف. فايل المطاعني 

– الفصل الثاني

 

حاول حميد أن يتذكر شيئًا من ماضيه، حاول جاهدًا، حتى أعيته محاولات التفكير، لكن بلا جدوى. كل ما تذكره هو اسمه السابق راشد بن علي، وأنه كان يعمل مهندسًا زراعيًا.

 

جلس حميد يحدق في سقف الغرفة، يحاول فهم السبب الذي يجعل الأطباء يصرون على أن اسمه حميد. وقال بصوت عالٍ:

— أنا مستغرب! لماذا لا يصدقوا اسمي، ويصرون على مناداتي بـ”حميد”؟

 

ابتسم ضاحكًا وقال لنفسه:

— ياخي هذول ما عندهم سالفة! أنا دايمًا أقول: دكتور يلبس نظارة؟ اغسلوا أيديكم منه!

 

في تلك اللحظة دخلت الممرضة نادية، كانت بدايات الصباح الجميل، وابتسامة رقيقة تزين وجهها:

— صباح الخير يا بشمهندس راشد.

 

استغرب حميد:

— من حضرتك؟

 

أجابت نادية بنعومة:

— أنا التي ستكون مسؤولة عن حضرتك من اليوم.

 

تلاشت جديتها مع ابتسامة لطيفة، وكأنها تحدث نفسها لأول مرة بسهولة مع مريض. كانت دائمًا جدية مع الرجال، لكنها كانت تحب الأطفال لدرجة أن من يراها معهم يظنها أمهم. كانوا ينادونها “ماما نادية”، وحتى الأطباء اعتادوا على ذلك اللقب.

 

لكن نقلها إلى قسم الرجال لم يرضها، وتساءلت في نفسها:

— لماذا ينقلوني من مكان أحببته إلى مكان كله رجال؟ ما أطيقهم…

 

وضحكت خفيفة متفكّرة:

— يا رب صبرني على بلاوي… حتى العجائز عندهم مراهقات متأخرات. واحد في خريف العمر يجي يعرض علي الزواج؟! يا بوّي، زين إنه فيك شيء يتحرك!

 

ثم خاطبها حميد:

— غريبة… أسمعك تناديني باسم “راشد”. اقتنعتم بأني راشد وليس حميد.

 

ابتسمت نادية ابتسامة خفيفة وأنيقة، وقالت:

— مش اسمك “راشد” خلاص؟ بناديك “راشد”.

 

في سرها كانت تعرف أن اسمه الحقيقي حميد، لكنها قالت لنفسها: “هو مريض، دعوني أتعامل معه كمريض، وأعطيه مبتغاه”.

 

سأل حميد:

— لماذا دوامك الآن؟

 

نظر إلى الساعة على الحائط:

— أظن موعد دوامك بعده…

 

ابتسمت نادية بوقار:

— أحب الصباح… أحب أن أرى أشعة الشمس وهي تشرق.

 

ضحك حميد:

— يعني ما يصير تشوفي الشمس في بيتكم؟ ولا شمس المستشفى شكلها غير؟

إمراة في حياتي 

لم تجبه نادية، اكتفت بالنظر إلى الملف الطبي، ثم غادرت المكان بخجل، تاركة وراءها أثراً من رقة وهدوء.

إمراة في حياتي 

إمراة في حياتي 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *