الدكروري يكتب عن البيعة العامة للخلافة الراشدة
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن البيعة العامة للخلافة الراشدة
في صبيحة يوم الثلاثاء الثالث عشر من شهر ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة النبوية الشريفة، الموافق فيه اليوم الثامن من شهر يونيو سنة ستمائة واثنين وثلاثين للميلاد، تمت في المسجد البيعة العامة من المهاجرين والأنصار قاطبة، حيث خطب عمر بن الخطاب على المنبر ثم أصعد أبو بكر فبايعه عامة الناس، وجرت هذه الوقائع في الوقت الذي كان فيه عليّ بن أبي طالب والزبير بن العوام، ونفر من بني هاشم، وطلحة بن عبيد الله، مشغولين بجهاز النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه، فغابوا عن اجتماع السقيفة وعليه، لم يكن للإمام عليّ رأي مباشر في النقاش إلا أنه بايع أبا بكر الصديق في نهاية المطاف واختلف رأي العُلماء والباحثين السُنة مع رأى العلماء والباحثين الشيعة في هذا المجال، فقال السنة أن الإمام علي عتب على أبو بكر.
لأنه لم يأخذ مشورته قبل بيعة السقيفة والبيعة العامة، ثم بايعه البيعة العامة في المسجد بعد أن طلبه حين لم يراه بين الجمهور، وأن مبايعة عليّ لأبي بكر كانت بملء إرادته، بينما قال الشيعة أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه وجماعة من الصحابة أرغموا بني هاشم والزبير على مُبايعة أبي بكر في حين امتنع الإمام علي بن أبى طالب ستة أشهر من المُبايعة، وكان أول عمل قام به الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه بعد مبايعته هو التصدى لأهل الردة ومُدعي النبوة، فلم يكد نبأ وفاة النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ينتشر في بلاد العرب حتى اشتعلت الفتنة في كل أنحاء شبه الجزيرة العربية بأشكال مختلفة، ولأسباب متباينة، وبرزت ظاهرة التنبؤ وهى ظاهرة إدعاء النبوة كإحدى الإنعكاسات للنجاح الإسلامي في الحجاز.
وإن كان بعض المتنبئين قد أعلنوا دعوتهم في أواخر حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فتنبأ الأسود العنسي في اليمن، ومُسيلمة بن حبيب الحنفي في اليمامة، وطليحة بن خويلد الأسدي، وسجاح بنت الحارث التميمية، وذو التاج لقيط بن مالك الأزدي في عمان، والراجح أن مقتل الأسود العنسي تم قبل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بيوم أو بليلة، ولكن الرُسل وصلت في خلافة أبي بكر في آخر شهر ربيع الأول فى العام الحادى عشر من الهجرة النبوية الشريفة، ولكن قبل أن يحول نظره شطر الأنحاء، التي أعلن أهلها ارتدادهم عن الإسلام، قرر الخليفة أبو بكر الصديق رضى الله عنه تلبية رغبة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته، وهي إرسال سرية أسامة بن زيد إلى مشارف الشام للإغارة على القبائل الشامية على الطريق التجاري بين مكة وغزة، ولمحاربة الروم.
وقد أشار المسلمون وفي مقدمتهم عمر بن الخطاب على الخليفة أبي بكر الصديق ألا يرسل حملة أسامة بن زيد حتى لا تضعف قوة المدينة المنورة بحال هاجمتها قبائل الأعراب المرتدة، ولحاجته إليها في قتالهم وغزوهم، لكن الخليفة أبا بكر الصديق رضى الله عنه، أبى أن يخالف وصية النبي صلى الله عليه وسلم، وكان جوابه إلى الصحابة صريحا، فقال “والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهات المؤمنين لأجهزن جيش أسامه” ثم نهض الخليفة أبو بكر الصديق بنفسه، في أواخر ربيع الأول فى السنة الحادية عشر من الهجرة، واستعرض جيش أسامة بن زيد وأمره بالمسير، وسار معه ماشيا وأسامة راكبا، وعبد الرحمن بن عوف يقود براحلة الخليفة أبي بكر حتى اطمأن على توجه الحملة في طريقها نحو مشارف الشام، وقفل عائدا إلى المدينة المنورة ومعه عمر بن الخطاب.