المقالات

العبد ما بين الفتنة والمحنة

جريده موطني

العبد ما بين الفتنة والمحنة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الذي أرسل رسوله رحمة للعالمين، وقدوة للعاملين، وأسوة للناس أجمعين، أرسله للناس بشيرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيرا، الذي أفنى عمره صلى الله عليه وسلم كله في سبيل تبليغ رسالة ربه، وعلم أمته كل شيء حتى إن بعض المشركين قال لسلمان الفارسي “إنا نرى صاحبكم يعلمكم كل شيء حتى الخراءة” قال سلمان “نعم، لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، أو أن نستنجي برجيع دابة أو عظم” فقد كان صلوات ربي وسلامه عليه يعلم الناس في جميع أحواله، في مسجده، وفي بيته، وفي حله وترحاله، فيقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

 

“إني لأتخولكم بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة مخافة السآمة علينا” كما كان بيته صلى الله عليه وسلم مدرسة ولهذا كان الصحابة إذا اختلفوا في أمر، ذهبوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألون زوجاته عن هديه وعمله في بيته، ولقد قضى صلى الله عليه وسلم ما عليه، وبلغ ما عهد إليه، وما مات صلى الله عليه وسلم حتى علم الناس كل شيء، عن أبي ذر رضي الله عنه قال “لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا ذكر لنا عنه علما” رواه أحمد، وعن مسروق عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت “مَن حدثك أن محمدا صلى الله عليه وسلم كتم شيئا من الوحي فقد كذب” رواه مسلم، ويقول العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه.

 

“والله ما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ترك السبيل نهجا واضحا، وأحلّ الحلال، وحرّم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم” رواه الدارمي، وقال صلى الله عليه وسلم ” تركتكم على بيضاء نقية، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك” أحمد، واللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين” أما بعد فإنه لا بد من استثمار موقف الضعف عند العبد لربطه بالله وحده، فهو سلوة المنكوبين، وملاذ المنكسرين، وهو الذي يملك كشف الضر، وتذكيره بالثواب العظيم لأهل البلاء كما جاء عن أبي هريرة وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما يصيب المسلم من نصب ولا وصبٍ، ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم، حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه ” رواه البخاري.

 

وكم من أناس تبدلت أحوالهم، وتغيرت أمورهم، بسبب فتنة أو محنة ألمت بهم، وتصبيرهم وتثبيتهم حتم وواجب، حتى لا يكونوا ممن تعصف بهم الأزمات والفتن، وتموج بهم رياح الابتلاء والمحن، فقيل بأن السعادة ليست بالأمر الهين، فمن الصعب أن نعثر عليها في دواخلنا، ومن المستحيل أن نعثر عليها في الخارج، وقيل عن السعادة بأنها اللذة، أو على الأقل أنها تكون مرتبطة ارتباطا وثيقا باللذة واللذة بدورها يتم تفسيرها باعتبارها غيابا واعيا للألم والإزعاج حيث يحصر الفضيلة بالتأمُل والفلسفة في التفكير، ويصل أخيرا إلى أن الحياة التي تتصف بالسعادة هي الحياة التي تعنى وتتمحور حول النشاط العقلي، أما سبينوزا فيقول في كتابه الأخلاق، بأن السعادة هي الغبطة التي ندركها حينما نتحرر من عبودية الأهواء ومن الخرافات والأحكام المسبقة.العبد ما بين الفتنة والمحنة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار