الله قد سخر الكون وشريعته لخدمة الإنسان
الله قد سخر الكون وشريعته لخدمة الإنسان
كتب / يوسف المقوسي
في قريش كان الكاهن يقول لعابدي الصنم : ان الصنم يطلب منكم بقرة حتى يلبي طلبكم !!!
وطبعا الصنم لا يتكلم، ومن يريد البقرة ويستفيد منها هو الكاهن !!
ولو قال الكاهن للناس اريد بقرة لي لما أعطاه اياها أحد , لذلك تكون الحيلة بإيجاد صنم يعبده الناس ويقدسونه ويموتون في سبيله ويعظمونه …
ثم يتصدر الكاهن الحديث باسم الصنم ويدعو الناس لتقديس الصنم وتعظيمه ..
حتى إذا طلب من عابدي الصنم شيئا باسم الصنم دفعوه للكاهن وهم فرحون بل ينتظرون من الكاهن ان يخبرهم بأن الصنم قد تقبل عطاءهم .
قبل الحرب العالمية الثانية .. وفي خطاب لهتلر قال أنه سيصنع للالمان إلها يعبدونه في الارض بدل الله إنه الوطن الالماني في سبيله يموتون ومن أجل عزته ورفعته يضحون .
طبعا الوطن وثن معبود من دون الله كالـصنم , لا ينطق. ومن يتحدث باسم الوطن هم السياسيون الذين يمثلون الكهان بالنسبة للصنم .
وعندما يطلبون من الناس التضحية للوطن فهم إنما يطلبون من الناس التضحية من أجلهم ومن أجل بقاء سلطانهم أسيادا على بسطاء الناس .
والناس العابدة للوطن فرحة ..
تموت في سبيل الوطن فيلقي عليها السادة اسم (شهيد الوطن) بينما السادة لايموتون في سبيل الوطن ولا يجعلون ابناءهم يموتون في سبيل الوطن
لانهم هم الوطن ومن أجلهم يموت عابدو الوطن
تسمع دائما كلمات ضخمة مثل(خزانة الدولة – ممتلكات الدولة – أراضي الدولة – ھیبة الدولة – رئیس الدولة )
ویموت الجمیع كي لا تسقط الدولة .. الدولة
ولا یوجد أحد یسأل نفسه: ما ھي الدولة ؟
ما ھذا (المسمى الاعتباري) المقدس الذي تنسبون إلیه كل شيء ؟
ومن حقه أیضا أن یسلب منكم كل شيء :
دینكم .. أرواحكم .. كرامتكم .. لقمة عیشكم
ما هو ھذا الوثن المقدس الذي تطلبون من الناس أن تجوع لیشبع ھو وتتقشف لینعم هو وتموت لیعیش هو وتُھان من أجل أن یحفظ ھیبته ؟
في الحقیقة:الدولة ھي”وثن وھمي”
تدعي وجوده مراكز قوى(الطاغوت) المغتصبة لسلطة الله, والمستبدة بعباد الله، حتى تتستر وراء اسمه، بینما كلمة “الدولة” لا تعني عندھم في الحقيقة إلا “سلطتهم” ومراكز قوتهم
وحتى یتقبل الناس فكرة الخضوع والإذعان لھم فھم یدّعون دائما أن كل ما یفعلونه لیس لأنفسھم واسرهم، بل من أجل الدولة ومصلحة الوطن
یأخذون أموالك ویسرقون حقوقك ثم یدعون أنھم أخذوھا لأجل أن یوفروا أموالا للدولة ومصلحة الوطن، یھینونك شر إھانة ویستحلون دمك ثم یدعون أنھم یفعلون ذلك حفاظا على ھیبة الدولة ومصلحة الوطن، یستغلون الجنود في حفظ كراسیھم وسلطتھم ویزجون بھم في مواطن الموت ثم یدعون أنھم یحمون الدولة والوطن .
إذ لو قالوھا صراحة: (نحن نقتلكم ونھینكم ونسلب اموالكم لأجل سلطتنا) لما تقبلھا أحد .
ثم إذا أرادوا أن یضفوا مزیدا من التقدیس والتعظیم على ھذا الوثن سموه باسمه الوطن المقدس
إن معظم حدود الاوطان الحاليه وضعها المستعمرون (الانجليز والفرنسيون) ولم يصنعها جدي وجدك ثم هب أننا إتفقنا على حدود الارض
فھل الأرض ھي التي تمتلك الناس أم الناس ھم الذین یملكونھا ؟؟
إنكم يا سادة لا يملك معظمكم شقته التي يقطن فيها , ومن ملك ارضا او شقة فانه يدفع عليها ضرائب لدولته وكأنه يستأجرها من رئيس الدولة وحزبه وحكومته ,بل جميعنا يدفع في أرض الوطن ثمن قبره الذي سيدفن فيه .
فأين هي أرضكم التي تموتون في الدفاع عنها ؟؟ إنها “أراضي الدولة” لا أرض الامة،
أراضي يوزعها كاهن الدولة (رئيس الدولة) على أعوانه واتباعه ليملك ولاءهم له ويعطيها لرجال الأعمال الفاسدین والمستثمرین الأجانب ليكسب هو وحاشيته من منافعها كما تكسب كاهن قريش من البقرة …إذا فالدولة اوالوطن ھي لیست الأرض
فما المتبقي من معنى الدولة اوالوطن ليموت الناس دفاعا عنه ؟
المتبقي يا سادة من مفهوم الدولة او الوطن ھم ببساطة: أصحاب السلطة ومراكز القوة .
وأنت مطلوب منك أن تجوع ، وتتقبل الإھانة وتموت من أجل بقاء سلطتهم ونظامھم ،
من أجل أن تحقق مصالحھم في استمرار حكمھم،
ھذه الفكرة العلمانية الشيطانية الصنمیة الوثنية للدولة ,تتم تحت اسم الوطنیة، فالوطنیة التي یریدون زرعھا في اذهان الناس معبوداً من دون الله تأليهاً وتقديساً وتعظيماً ، ما هي إلا خضوع لسلطتھم واطماعهم بشعارات زائفة , ويجعلون شريعتهم الوضعية العلمانية مكان شريعة الله حتى يسهل عليهم استعباد الناس المنتسبة الى الاسلام , ويتقبل الناس دين الملك وشريعته .
أما في دين الإسلام:
فالإنسان ھو محل الاھتمام، والحاكم هو خادمهم
والمجتمع كان ھو المركز الذي تدور السلطة حوله
لذا كان الحاكم عند المسلمین الأوائل یسمى”أمیر المؤمنین” ولیس أمیر الدولة
وكان یتلقى بیعات الناس عن رضاً
والبیعة عقد بینه وبین كل فرد في رعیته
والخزانة ھي”خزانة المسلمین” أو”بیت مال المسلمین” ولیست وزارة مالية الدولة
والمصالح”مصالح المسلمین”،
والأراضي ھي”أراضي المسلمین” فمن أحيا أرضا مواتا فهي له ، كل شيء مرتبط بالبشر وینسب للبشر والبشر هم من يملكون الارض .
الجمادات سُخرت للأحیاء ولیس العكس
المجتمع بكل أفراده في الاسلام ھم محل الاھتمام
ھم القوة،..ھم المركز والله قد سخر الكون وشريعته لخدمة الانسان والحفاظ على ماله وعرضه ودمه في مقابل شرائع بشرية جعلت الرئيس وحاشيته هم المركز , وسخر الحاكم شريعته لخدمته وخدمة حاشيته منتهكا أموال وأعراض ودماء عابدي الوطن الذين في حقيقتهم هم عابدون له .