فتوكل على الله..
فاطمة عبد العزيز محمد
إن سنة الله عز وجل التي يدير بها شئون الخلق أن لكل مجتهد نصيب، فأي إنسان يريد أن يحقق أي نتيجة عليه أن يتعب ويجتهد وربنا وعد أنه سيوفيه عمله ويجازيه على تعبه، قال رب العالمين: [وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى] {النَّجم:39} تدبر في كلام الله وفي القوانين التي يعلمنا إياها الله التي يدبر بها شئوننا كي نفهم عن الله وعندما نفهم نتصرف بشكل صحيح [وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى * ثُمَّ يُجْزَاهُ الجَزَاءَ الأَوْفَى * وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ المُنْتَهَى] {النَّجم:39-42}، فمن يريد أي نتيجة أو أي نجاح أو أي إنجاز أو أي حلم لابد أن يتعب وهو على يقين أن لكل مجتهد نصيب.
لابد أن تكون في معتقد أي إنسان منا هذه السنة، وأي إنسان لا يفهمها سيعيش أقرب للفشل في حياته وأما العبد المؤمن المتبع للنبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف معنى الفشل في هذه الدنيا، هذا الفشل له قانون و علينا أن نكون ابعد عن قانون الفشل وابقى مع قانون النجاح والسعادة لأنه سبحانه وتعالى عدل حق، فلا يمكن أن يجتهد إنسان ويتعب إلا ولابد أن يكافئه الله لأنه سبحانه وتعالى.
وعلى الإنسان أن يكون حسن التوكل على الله في كل أحواله ويفعل كل ما بوسعه من تعب وشغل وعمل ومجهود ليحصل على ما يتمنى، وهذا ما يؤكده قوله تعالى: [هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ] {الرَّحمن:60} وهو سؤال من ربنا، هل تتصورون أن هناك من سيتعب وأنا لن أكافئه؟!.
فالاجتهاد والشغل والتعب في أي حلم أو في أي أمل تبحث عنه يجعلك تثق يقينًا أن هناك قانون لن يتغير وهو أن ربنا سحانه وتعالى سيكافئك على هذا التعب، ولذلك فقد قالها ربنا سبحانه وتعالى بضمير العظمة -ضمير العظمة: ربنا واحد يتكلم عن نفسه سبحانه وتعالى بالجمع- قال الله: [إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا] {الكهف:30} وكأن ربنا سبحانه وتعالى يقول أنه ليس من شيم الكرام أنك تتعب ثم لا يعطيك الكريم أجرك وثوابك ومجهودك ويكافئك، وقد قال رب العالمين متحدثا عن هذا القانون في القرآن في كتابه العزيز: [إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ] {يوسف:90} فالإنسان كي ينجز أي مهمة أو يحقق أي نتيجة أو يفرح بأي حلم يحلم به لا بد أن يتعب وهذا التعب يحتاج إلى استمرارية، فهذا المجهود لا يمكن أن يضيعه الله سبحانه وتعالى.
إذا كنت تبحث عن أي نتيجة أو تفكر في أي حلم أو تتمنى أي هدف حتى ولو كان بسيطا جدا أو قصيرا جدا لا بد أن تأخذ بأسباب تحقيق هذه النتيجة التي تحلم بها، وإن لم تأخذ بأسباب تحقيق النتيجة التي تحلم بها فلا تلم إلا نفسك، إنه قانون خلقه الله عز وجل في هذا الكون كي يكون هو قانون لكل مجتهد نصيب.. أي قانون الأسباب. فعندما تفكر في أي لحظة من اللحظات في أي مرحلة من عمرك أن تقطف ثمرة فهذه الثمرة لا تأتي إلا بالتعب كأن تتمنى أن تشتغل وأن يطور الله حالك في الدنيا أو تتمنى أن تتزوج أو أن تنجح أو أي شيء تتمنى أن تنتقل إليه يحتاج إلى مجهود الأخذ بالأسباب، ولذلك فقد قال ربنا سبحانه وتعالى أنه من سيأخذ بهذه الأسباب فإنه لن يضيع أجر إحسانه ومجهوده.
ويحدث للإنسان امران بعد أخذه بالاسباب، إما أن يأخذ ما اجتهد فيه في الدنيا لو أن الله يرى أن هذا فيه خير له،
فمن الممكن أن تجتهد ويعطيك الله في الدنيا وفي الآخرة، ومن الممكن أن تجتهد ولعلم الله ولحكمة الله وبرحمته يعلم الأنفع ليك أن يؤخر لك على اجتهادك ويكون عطاءك فقط في الآخرة.
وبالنهاية اعلم أنه عندما يكون لديك يقيناً في الله تعالى أنك ستصل بعون الله لمرادك، وقد تصل لما هو أفضل مما تتمنى بحكمة وعلم الله بك، نعم إنه اليقين.. يقول تعالى في حديث قدسي (أنا عند ظن عبدي بي) فاجتهد واسعى، وخذ بالأسباب، وسنة الله في كونه أنه [هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ] {الرَّحمن:60} هل تتصور أن تتعب ولا يكافؤك الله؟! وتأتي الإجابة في الآية الكريمة [إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا] {الكهف:30} وفي آية أخرى [إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ المُحْسِنِينَ] {يوسف:90} .