المقالات

الدكروري يكتب عن دروس وعبر من يوم أحد

الدكروري يكتب عن دروس وعبر من يوم أحد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الدكروري يكتب عن دروس وعبر من يوم أحد

لقد كانت غزوة أحد وأحداثها مليئة بالدروس والعبر والعظات، ومن عهد النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم إلى وقتنا الحاضر، نستنبط من غزوة أحد بعض الدروس والعبر مما جرى من الأحداث التي وقعت في تلك الغزوة، فحين علم النبي صلى الله عليه وسلم، بقدوم أهل مكة وأحابيشها ومن أطاعها من قبائل كنانة وأهل تهامة للأخذ بثأر قتلاهم في بدر، استشار أصحابه في الخروج للقائهم خارج حدود المدينة أو البقاء في المدينة والتحصن بها، حتى إذا دخل عليهم أعداؤهم فيها كانوا أبصر بما يعوقهم عن الدخول وبما ينزل فيهم الهزيمة، وقد وضع الرسول صلى الله عليه وسلم في معركة أحد بنفسه خطة المعركة، وأول ما فعله أن وزع خمسين من مهرة الرماة وراء جيشه في أعلى الشعب من أحد. 

 

وألح عليهم بملازمة أماكنهم، قائلا ” احموا ظهورنا، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا نغنم فلا تشاركوننا ” ثم رتب جيشه في صف منتظم، وتخير للمقدمة أفرادا من الذين يوزنون بالمئات، وأمر ألا يباشر القتال إلا بإذنه ولما نشب العراك، انطلق المسلمون يعملون في نظام عجيب من توجيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنهم حجر الرحى تدور حول قطبها، فهي تميل يمنة ويسرة، ولكنها لا تنفض عن دائرة القطب، ولعل مرد التماسك في هذا النظام ثقة الجيش جميعا بحكمة القائد ووجوب الطاعة له، ووحدتهم وتماسكهم على قلب رجل واحد، لا خلاف ولا شقاق ولا نزاع، ولا أحد يعيب على أحد توجهه واختياره لطريقه في العمل، خصوصا وأنهم كانوا في ساحة واحدة في معركة واحدة. 

 

فليس هناك جندي واحد إلا وفي صدره يقين مُطلق بأن مصير المعركة يتوقف على مدى انسجام الجنود في إرادة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم نفسه، ومن هنا كانت قلوبهم متعلقة بإشارته، يديرها في الاتجاه الذي توحي به الحكمة، ويقين بأنه سيختار ما عند الله، ويقدمه على بهرج الحياة، وأموالها ومناصبها وإغراءاتها، وقد كان رأيه صلى الله عليه وسلم، البقاء في المدينة، إلا أنه جعل الأمر شورى بينه وبين أصحابه ليبين للأمة من بعده وللولاة وأمراء المؤمنين وقوادهم من بعده أنه لا بد لهم أن يستخلصوا الآراء، وأن يعرفوا ما ينبغي أن يعرفوه من أهل الحل والعقد وأهل العلم والرأي والمشورة، وفي هذه المشورة غلبت آراء الذين كانوا يرون الخروج للقاء الأعداء، رغبة منهم في الاستشهاد في سبيل الله. 

 

ورغبة منهم في إظهار الحمية لدين الله والاعتزاز بدينه، ورغبة ممن لم يشهد بدرا أن يلقوا أعداءهم، فيعوضوا ما فاتهم من الجهاد والاستشهاد في بدر، ثم دخل النبي صلى الله عليه وسلم، بعد أن رأى هذا الرأي من أصحابه أو كثرة منهم، فلبس عدته ولأمته، ثم خرج فرأى القوم أنهم قد أكرهوه صلى الله عليه وسلم على ما لا يحب، فرجعوا عن رأيهم، وجعلوا الأمر إليه صلى الله عليه وسلم، فما كان منه إلا أن قال لهم صلى الله عليه وسلم ” قد دعوتكم إلى هذا الحديث فأبيتم، ولا ينبغي لنبي إذا لبس لامته أن يضعها، حتى يحكم الله بينه وبين أعدائه، انظروا ما أمركم به فاتبعوه، امضوا على اسم الله تعالى، فلكم النصر ما صبرتم” 

الدكروري يكتب عن دروس وعبر من يوم أحد

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار