الدكروري يكتب عن بُسر بن أرطاة في جيش معاوية
بقلم / محمـــد الدكــروري
ذكرت المصادر التاريخية كما جاء في كتب السيرة النبوية الكثير عن الصحابي بُسر بن أبي أرطاة، والذي كان له مواقف سيئة بعد وفاة رسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث روي عن زياد عن عوانة قال أرسل معاوية بن أبي سفيان بعد تحكيم الحكمين بُسر بن أرطاة في جيش، فساروا من الشام حتى قدموا المدينة، وعامل المدينة يومئذ لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ففر أبو أيوب، ولحق بعلي رضي الله عنه، ودخل بُسر المدينة، فصعد منبرها، فقال أين شيخي الذي عهدته هنا بالأمس؟ يعني عثمان رضي الله عنه ثم قال يا أهل المدينة، والله لولا ما عهد إليّ معاوية ما تركت فيها محتلما إلا قتلته، ثم أمر أهل المدينة بالبيعة لمعاوية.
وأرسل إلى بني سلمة، فقال ما لكم عندي أمان ولا مبايعة حتى تأتوني بجابر بن عبد الله، فأخبر جابر، فانطلق حتى جاء إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لها ماذا ترين؟ فإني خشيت أن أقتل، وهذه بيعة ضلالة فقالت أرى أن تبايع، وقد أمرت ابني عمر بن أبي سلمة أن يبايع فأتى جابر بُسرا فبايعه لمعاوية، وهدم بُسر دورا بالمدينة، ثم انطلق حتى أتى مكة، وبها أبو موسى الأشعري، فخافه أبو موسى على نفسه أن يقتله فهرب، فقيل ذلك لبُسر فقال ما كنت لأقتله، وقد خلع عليّ بن أبي طالب، ولم يطلبه، وكتب أبو موسى إلى اليمن إن خيلا مبعوثة من عند معاوية تقتل الناس مَن أبى أن يقرّ بالخلافة ثم مضى بُسر إلى اليمن، وعامل اليمن لعلي رضي الله عنه هو عبيد الله بن العباس، فلما بلغه أمر بُسر فرّ إلى الكوفة.
حتى أتى عليّ بن أبي طالب، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد المدان الحارثي، فأتى بُسر فقتله وقتل ابنه، ولقي ثقل عبيد الله بن العباس وفيه ابنان صغيران لعبيد الله بن العباس، فقتلهما ورجع إلى الشام، وهكذا كان بسر بن أرطاة من الأبطال الطغاة، وكان معاوية بصفين، فأمره أن يلقى عليّ بن أبي طالب في القتال، وقال له سمعتك تتمنى لقاءه فلو أظفرك الله به وصرعته حصلت على دنيا وآخرة، ولم يزل به يشجعه ويمنيه حتى رآه فقصده في الحرب فالتقيا فصرعه الإمام عليّ رضوان الله عليه، وعرض له معه مثل ما عرض فيما ذكروا لعليّ رضي الله عنه مع عمرو بن العاص، وهكذا ذكر ابن الكلبي في كتابه في أخبار صفين أن بُسر بن أرطاة بارز الإمام عليّ رضي الله عنه يوم صفين.
فطعنه عليّ رضي الله عنه فصرعه، فانكشف له، فكف عنه كما عرض له فيما ذكروا مع عمرو بن العاص، ولهم فيها أشعار مذكورة في موضعها من ذلك الكتاب، وكما قال أَبو عمر إنما كان انصراف عليّ رضي الله عنهما، وعن أمثالهما من مصروع ومنهزم لأنه كان يرى في قتال الباغين عليه من المسلمين ألا يُتبع مُدبر ولا يُجهز على جريح، ولا يُقتل أَسير وتلك كانت سيرته في حروبه في الإسلام رضي الله عنه، وعلى ما رُوي عن عليّ رضي الله عنه في ذلك مذاهب فقهاء الأمصار في الحجاز والعراق، إلا أن أبا حنيفة قال إن انهزم الباغي إلى فئة من المسلمين اتبع، وإن انهزم إلى غير فئة لم يُتبع، وقيل توفي بسر بالمدينة أيام معاوية بن أبي سفيان، وقيل توفي بالشام أيام عبد الملك بن مروان، وكان قد خرف آخر عمره.