الإسلام والقيام بالواجبات والمسئوليات
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه، وتمسك بسنته، واقتدى بهديه، واتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، ونحن معهم يا أرحم الراحمين، فالنبي المصطفي صلي الله عليه وسلم الذي قال عنه الله عز وجل ” وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين” وقال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيرها ” من امن بالله ورسوله تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ومن لم يؤمن بالله ورسوله عوفي مما كان يصيب الأمم في عاجل الدنيا من العذاب من الخسف والمسخ والقذف فذلك الرحمة في الدنيا ” أما بعد فإن من مقتضيات الوطنية هو القيام بالواجبات والمسئوليات كل في موضعه مع الأمانة والصدق.
وإن من مقتضيات حب الوطن هو احترام نظمه وثقافته والمحافظة على مرافقه وموارد الاقتصاد فيه، والحرص على مكتسباته وعوامل بنائه ورخائه، والحذر من كل ما يؤدي إلى نقصه، وإن الدفاع عن الوطن واجب شرعي، وإن الموت في سبيل ذلك شهامة وشهادة، وفي قصة الملأ من بني إسرائيل بقول الله تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” قالوا وما لنا ألا نقاتل فى سبيل الله وقد أخرجنا من ديارنا وأبنائنا ” وحتى تتبين مظاهر الوطنية الصادقة ويسقط زيف الشعارات فإن المتأمل في الواقع يميز بين المواطن الصالح الناصح لوطنه وبين الكاذب بالشعارات، فإن لخيانة الوطن مظاهر، وظواهر بعضها مرّ على بلادنا فحسم أمره وكبت شره، وبعضها لم يزل قائما يتشكل ويتلون ويخف ويشتد ويبين ويتوارى.
وبعضها يظهر باسم الغيرة على الوطن وفي حقيقته غيرة منه، وإن المسلم الحقيقي يكون وفيّا أعظم ما يكون الوفاء لوطنه، محبّا أشد ما يكون الحب له، مستعدا للتضحية دائما في سبيله بنفسه ونفيسه، ورخيصه وغاليه، فحبه لوطنه حب طبيعي مفطور عليه، حب أجل وأسمى من أن ترتقي إليه شبهة أو شك، حب تدعو إليه الفطرة، وترحب به العقيدة، وتؤيده السنة، وتجمع عليه خيار الأمة، وإن الله عز وجل قد كرم الأنبياء عليهم جميعا الصلاة والسلام ومن ذلك أنه سبحانه وتعالي، قد زود نبي الله يحيى عليه السلام بمؤهلات لحمل الأمانة الكبرى والمسئولية العظمى، وهذه المؤهلات هي في قوله تعالي كما جاء في سورة مريم ” وآتيناه الحكم صبيا، وحنانا من لدنا وزكاة وكان تقيا، وبرا بوالدية ولم يكن جبارا عصيا”
وبعد هذه الصفات الغالية التي زود الله بها نبيه يحيى عليه السلام، يسلم الله عز وجل عليه فيقول “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا” وهكذا فإن الله سبحانه وتعالى يسلم عليه في مواطن ثلاثة هي أشد ما تكون على الإنسانن وهو يوم أن يولد، ويوم أن يموت ويوم أن يبعث حيا ليلقى الله عز وجل الحي الذي لا يموت، فيسلم الله تعالي عليه في هذه الأحوال الثلاثة وفي هذه المواقف الثلاثة، وقد ذكر الإمام ابن كثير عن قتادة أن الحسن قال التقى نبي الله يحيى وعيسى عليهما السلام، فقال عيسى ليحيى ادعوا الله لي فإنك أفضل مني، فقال يحيى لعيسى بل أنت أفضل مني يا عيسى، فقال عيسى لا يا يحيى، بل أنت أفضل مني لأنني أنا الذي سلمت على نفسي فقلت، كما قال الله تعالي في سورة مريم ” والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا” أما أنت فقد سلم الله عليك فقال “وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا”الإسلام والقيام بالواجبات والمسئوليات الإسلام والقيام بالواجبات والمسئوليات