المقالات

الإتقان والتبسم في وجوه الآخرين

جريدة موطني

الإتقان والتبسم في وجوه الآخرين

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

 

الحمد لله أنشأ الكون من عدم وعلى العرش استوى، أرسل الرسل وأنزل الكتب تبيانا لطريق النجاة والهدى، أحمده جل شأنه وأشكره على نعم لا حصر لها ولا منتهى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يرتجى، ولا ند له يبتغى، وأشهد أن نبينا وحبيبنا محمدا عبد الله ورسوله الحبيب المصطفى والنبي المجتبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن سار على النهج واقتفى، أما بعد لقد حث الإسلام على الإتقان في جميع العبادات، فعلى سبيل المثال رغّبنا في إتقان الوضوء، حتى في المكاره، كالبرد الذي توجد فيه المشقة، فقال صلى الله عليه وسلم “ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط” رواه مسلم.

 

ولقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الإخلال ولو بركن واحد من أركان الوضوء، فعن عبدالله بن عمرو قال رجعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة، حتى إذا كنا بماء بالطريق تعجّل قوم عند العصر، فتوضؤوا وهم عجال، فانتهينا إليهم وأعقابهم تلوح لم يمسها الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “ويل للأعقاب من النار، أسبغوا الوضوء” رواه البخاري ومسلم، وهذا يلفت عناية المسلم إلى الحرص على الإتقان، وأنه في غاية الأهمية، وكذلك الأمر بالنسبة للصلاة، فنجد أنه يأمر ذلك الأعرابي أن يعيد الصلاة ثلاث مرات لأنه لم يتقن أداءها، فكان يقول صلى الله عليه وسلم له “ارجع فصلي، فإنك لم تصلي” رواه البخاري ومسلم، وكذلك الإتقان في فريضة الحج.

 

فلا بد أن يكون خاليا من الرفث والجدال والفسوق ليكون حجا مبرورا، فقال صلى الله عليه وسلم “مَن أتى هذا البيت، فلم يرفث، ولم يفسق، رجع كما ولدته أمه” رواه مسلم، وكما لدينا في القرآن الكريم مادة التجويد ويعني ذلك إتقان القراءة، وفي هذا العصر أهل الدنيا يقولون الجودة أولا، فإن الإتقان مطلوب ومرغّب فيه في حفظ القرآن وتعلمه، فقال صلى الله عليه وسلم “الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن ويتتعتع فيه، وهو عليه شاق، له أجران” رواه مسلم، وهكذا في سائر العبادات، الإحسان أمر مرغوب، والإتقان جميل ومطلوب، واعلموا يرحمكم الله إن من الأبناء والبنات من هو قاسي القلب، جاحد ناكر، شقي النفس، خبيث الطباع، متحجّر الضمير، يريد كل شيء لنفسه، ولا يبالي بوالدين، وهمه أن يأخذ ولا يعطي.

 

ويُخدم ولا يَخدم، يطيب كلامه مع الناس، ويسوء مع والديه، يتودّد إلى الناس، ويتنكر لوالديه، ويبتسم في وجوه الآخرين، ويعبس في وجه والديه، ويتصرف مع والديه بوحشية وهمجية وقسوة، فإذا سمع من والديه ما لا يُرضيه، يذلّ أمه ويبكيها، ويبطش بأبيه ويرميه، ومن الأبناء من يعامل أمه معاملة الخدم، ويجعلها خادمة في بيته لزوجته وأبنائه، فتظل المسكينة محبوسة في البيت، في طبخ وتنظيف وترتيب بينما العاق وزوجته في وظائفهما أو في الشوارع يتجولان وربما شرّد أمه ورمى بها في الشارع إرضاء لزوجته، ومن الأبناء من يتكبر على والديه، فلا يرضى أن ينتسب إليهما، تكبرا وجحودا وإنكارا، فينتسب إلى غير والديه من أجل منصب أو مكانة أو عرض من الدنيا زائل ونبينا صلى الله عليه وسلم يقول ” من ادّعى إلى غير أبيه، وهو يعلم أنه غير أبيه، فالجنة عليه حرام” متفق عليه.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار