مقالات دينية

التكبر والتجبر في ضوء القرآن والسنة

جريدة موطني

التكبر والتجبر في ضوء القرآن والسنة
محمود سعيدبرغش
التكبر والتجبر هما من أبرز الصفات التي حذر منها الإسلام، حيث يظهران في عدة أشكال، بدءًا من رفض الحق والتعالي على الآخرين وصولًا إلى العناد أمام دعوات الأنبياء والرسل. وقد تناول القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة هذه الصفات وأثرها المدمر على الفرد والمجتمع، موضحًا أن نهايتها تكون دائمًا الهلاك، سواء في الدنيا أو في الآخرة.

التكبر في القرآن الكريم

القرآن الكريم يقدم لنا العديد من الأمثلة على الأمم والشخصيات التي تجبرت وتكبرت على الحق. من أبرز هذه القصص هي قصة النبي صالح عليه السلام مع قومه، حيث دعاهم إلى تقوى الله وأرسل إليهم آية عظيمة في شكل ناقة، ولكنهم بدلاً من الإيمان، عقروا الناقة وجحدوا الحق. قال تعالى:
{فَعَقَرُوهَا فَأَصْبَحُوا نَادِمِينَ} (الشعراء: 157).

كذلك، نجد أن قوم لوط عليه السلام تكبروا على دعوته لهم بالابتعاد عن الفاحشة، وطلبوا منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كان صادقًا. قال تعالى:
{فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِنْ كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ} (العنكبوت: 29).

والشواهد كثيرة في القرآن على تلك الأمم التي كانت نهايتها الهلاك بسبب تكبرها ورفضها للحق، سواء كانت في صورة قوم صالح أو لوط أو شعيب.

التكبر في السنة النبوية

وفي السنة النبوية، نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم قد حذر من التكبر والتجبر بشكل واضح، وجعل التواضع من أبرز صفات المؤمنين. ففي الحديث الصحيح عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال:
“يَطْوِي اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ الْيُمْنَى، ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا الْمَلِكُ، أَيْنَ الْجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ الْمُتَكَبِّرُونَ؟” (رواه مسلم).
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم:
“إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ.” (رواه البخاري ومسلم).

هذه الأحاديث تُظهر كيف أن الكبرياء والتعالي على الآخرين يُعد من أخطر الصفات التي يجب على المسلم أن يتجنبها.

النتيجة الطبيعية للتكبر: الهلاك

يُعلمنا القرآن والسنة أن التكبر لا يؤدي إلى شيء سوى الهلاك. فالإنسان المتكبر يعاند الحق ويرفضه، وفي النهاية يكون مصيره الفشل والدمار. قال الله تعالى:
{وَرَبُّكَ الْغَفُورُ ذُو الرَّحْمَةِ لَوْ يُؤَاخِذُهُمْ بِمَا كَسَبُوا لَعَجَّلَ لَهُمُ الْعَذَابَ} (الكهف: 58).

لكن برغم ذلك، فإن الله سبحانه وتعالى يمهل الناس لعلهم يتوبون قبل أن يأتيهم العذاب. ففرصة التوبة متاحة حتى آخر لحظة، ولكن على الإنسان أن يتذكر دائمًا أن التكبر والتعالي على الحق لا يجلب سوى الندم.

التكبر والتجبر هما من الصفات التي يتبرأ منها الإسلام، وقد بينت النصوص القرآنية والحديثية خطر هاتين الصفتين على الفرد والمجتمع. التكبر يؤدي إلى رفض الحق والطغيان، وهو ما يجلب العذاب والهلاك. ولكن التواضع والإيمان بالله والتسليم له هو الطريق الصحيح الذي يؤدي إلى النجاح في الدنيا والآخرة.

اللهم اجعلنا من المتواضعين الذين يسيرون على درب الحق والعدل، بعيدًا عن التكبر والعناد.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار