المقالات

الدكروري يكتب عن المبتلى بالضراء

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الإسلام هو الذي عرف قيمة الإنسانِ، وخاصة إذا لم تقترف يده جريمة، وهذا هو الإسلام الذي قَبل التائب فجعلة كمن لا ذنب له، حيث صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أقام عليها الحد، وتكريم الله تعالى للإنسان، هو أن أول ما يقضى به بين العباد في الدماء، وإن من فوائد المرض هو أن الله تعالى يكون قريبا من المريض يرحمه ويجيب دعاءه ويثيب زوّاره والقائمين عليه، ولذلك تحتفي الملائكة بعائد المريض، بل ويعتب الله عز وجل، على من ترك عيادة المريض، كما جاء في الحديث ” إن الله عز وجل، يقول يوم القيامة يا بن آدم مرضت فلم تعدني، قال يا رب كيف تمرض وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت أن عبدي فلانا مرض فلم تعده، اما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده” ومن عجائب المرض أن صاحبه تكتب له جميع أعماله.

التي كان يعملها وهو صحيح فتستمر حسناته على ما كان يعمل وهو معافى لا ينقص منها شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر ما كان يعمل صحيحا مقيما” ومما يدل على عظم ثواب المرضى الصابرين في الآخرة، قوله صلى الله عليه وسلم ” يود أهل العافية يوم القيامة ، حين يعطي أهل البلاء الثواب، لو أن جلودهم كانت قرضت فى الدنيا بالمقاريض” أحسب الأبرار والأخيار والصالحون والعلماء والدعاة والمسلمون أن الإسلام ادعاء، وأن لا إله إلا الله كلمة تقال فقط، إذا كان يدّعيها المدّعي، ويفتري بها المفتري، ولا يُميز بين المؤمن والمنافق، والصادق والكاذب، ولكن أبى الله تعالي إلا أن يميز بين الصنفين، فإن الابتلاء يكون في الخير والشر، فالابتلاء بالخير أشد وأثقل من الابتلاء بالشر.

فقد زين الله سبحانه وتعالى الخير للإنسان وجبله عليه, فالخير دائما مزين محفوف بالشهوات تتطلبه النفس الامارة سواء أكان حلالا أم حراما فهو من أهم حبائل الشيطان ومكايده ولا يخفي على أحد مدى قوة إبليس في الإغواء والتزين، فإن المبتلى بالضراء يسهل عليه الصبر والاحتمال فليس أمامه سوى الصبر ولا يوسعه إلا الرضا, ولا تتحقق له الراحة إلا بالقناعة والمبتلى بالفقر لا يستطيع شرب الخمر لأنه لا يملك ثمنها، وليس بإمكانه منع زكاة لأنها لم تجب عليه ولا يستطيع التكبر لأنه لا يملك هذا بخلاف من يستطيع أن يرتكب مثل هذه المعاصى لأنها في إمكانه وتحت طائلته وفي مقدرته، فكثيرون يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف ولكن قليلون هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة, كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم.

ولا تزل ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الثراء، ويقول ابن عوف ابتلينا بالضراء فصبرنا وابتلينا بالسراء فلم نصبر ويقول أحد السلف كنا فقراء متآخين فلما تغانينا وتغانينا حمل بعضنا السيف على بعض، وإن من الأمراض الخطيرة التي ابتلينا بها في هذا العصر هو مرض الشك والريبة، ودخول الشك الاعتقادي والضعف الإيماني والريب إلى النفوس والقلوب وإن الشك هو التوقف في الأشياء اليقينية المسلم بها، وعدم القطع فيها، وريبة النفوس منها، وإدخال الشكوك إليها، وهذا المرض الخطير دب إلى نفوس الكثيرين منا، وتمكن من قلوبهم ودخل إلى صدورهم، وصار أساس الاعتقاد عند بعضهم بهذا المعتقد الفاسد المرتاب.

الدكروري يكتب عن المبتلى بالضراء

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار