مراة ومنوعات
الدكروري يكتب عن والذين أوتوا العلم درجات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الدكروري يكتب عن والذين أوتوا العلم درجات
أنه يجب على المسلمين الإقبال على كتاب ربهم تلاوة وتدبّرا وعملا، حتى تحصل لهم الهداية، وحياة القلوب، ولا تشبهوا بأهل الكتاب الذين حملوا التوراة والإنجيل، فأعرضوا عنهما، فقست قلوبهم بسبب ذلك، فلا يقبلون موعظة، ولا تلين قلوبهم بوعد ولا وعيد، ومن أعظم ما يلين القلوب هو تذكر الموت، وزوال الدنيا، والانتقال إلى الدار الآخرة وإن من أعظم ما يقسيّ القلوب هو الغفلة عن الآخرة، ونسيان الموت، والانشغال بالدنيا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم “زوروا القبور، فإنها تذكر الآخرة” وقال عليه الصلاة والسلام “أكثروا من ذكر هادم اللذات الموت ” وإن من أعظم ما يليّن القلوب هو الاعتبار بما جرى ويجري للأمم الكافرة من الهلاك والدمار، ومن أعظم ما يقسيها هو الغفلة عن ذلك.
ومما يليّن القلوب أيضا هو الإكثار من ذكر الله عز وجل، ومن أعظم ما يقسّيها هو الغفلة عن ذكر الله، ويرفع الله الذي يطلب العلم والذي يعمل به كما يشاء، فقال تعالى “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” أي يرفع الذين أوتوا العلم من المؤمنين بفضل علمهم وسابقتهم درجات أي على من سواهم في الجنة، أي في الثواب في الآخرة وفي الكرامة في الدنيا، فيرفع المؤمن على من ليس بمؤمن والعالم على من ليس بعالم ولقد مدح الله العلماء في هذه الآية، والمعنى أنه يرفع الله الذين أوتوا العلم على الذين آمنوا ولم يؤتوا العلم درجات، أي درجات في دينهم إذا فعلوا ما أمروا به، ومع أن الإسلام حرم الحسد إلا أن الشارع أباحه في مجال العلم، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه علي هلكته في الحق، ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها” متفق عليه، ويبلغ من فضل العلم أنه يرفع قدر أناس ليس لهم حسب ولا نسب فوق كثير من الأكابر، كما ثبت أن نافع بن عبد الحارث أمير مكة خرج واستقبل عمر بن الخطاب بعسفان، فقال له عمر من استخلفت على أهل الوادي؟ قال استخلفت عليهم ابن أبزى، فقال عمر ومن ابن أبزى؟ فقال رجل من موالينا، فقال عمر استخلفت عليهم مولى؟ فقال إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض، فقال عمر أما إن نبيكم قد قال “إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين، وإن الله لم يقصر الأجر على العلماء في حياتهم بل امتد الأجر بعد موتهم وإلى قيام الساعة.
وما هو أفضل من أن يستغفر لك الحوت في البحر والدواب وحتى النمل تستغفر لطالب العلم؟ وما هو أفضل من أن تضع الملائكة أجنحتها لك إذا سلكت سبيلا في طلب العلم سواء كان في درس تذهب إليه أو في كتاب تشتريه لتفتحه وتقرأ فيه؟ أي فضل عظيم هو ذاك وفره الله عز وجل لطلبة العلم الشرعي الذين يتعلمون الكتاب والسنة، والأحاديث في ذلك كثيرة، ويعد العلم والأخلاق معا من أهم ركائز المجتمعات وعناصر نهضة الأمم والشعوب، فالعلم يبني الأفراد والمجتمعات، ويسّهل لهم أمور حياتهم، والأخلاق تحصن الفرد، وتقوي المجتمعات، وتحميها، فالعلاقة بين العلم والأخلاق علاقة تكاملية، فلا علم له أثر طيب بدون أخلاق، ولا أخلاق صحيحة من غير علم يبصر ويرشد.
فالعلم العين المبصرة للأخلاق والقيم، والأخلاق والقيم الوعاء الحافظة والراعية للعلم، وعن أبي موسى رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضا فكانت منها طائفة طيبه قبلت الماء فأنبتت الكلاء والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله بها الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب طائفة منها أخرى إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلاء فذلك مثل من فقه في دين الله ونفعه ما بعثي الله به فعلم وعلم ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ” رواه البخاري، فتفقهوا في دينكم فإن من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، واطلبوا العلم فإن العلم نور وهدى والجهل ظلمة وضلال وشقاء.
فاطلبوا العلم فإن العلماء ورثة الأنبياء فالأنبياء لم يورثوا درهما ولا دينارا وإنما ورثوا العلم فمن أخذه فقد أخذ بحظ وافر من ميراثهم، واطلبوا العلم فإن العلم الشرعي رفعة في الدنيا والآخرة وأجر مستمر لصاحبه فقال الله تعالى “يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات” .
الدكروري يكتب عن والذين أوتوا العلم درجات