مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن الإسلام والعناية الفائقة بالأسواق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الأمر والنهي ليس مقصورا على بعض الأمور التعبدية، كما قد يفهم البعض، أو في مكان دون مكان، وزمان دون زمان، بل الأمر والنهي يكون معنا حيث كنا في المسجد وفي البيت وفي السوق وفي الوظيفة وفي الحضر وفي السفر، وفي كل شأن من شؤون حياتنا، وكما أن للمسجد والبيت أدابا وأحكاما، فإن للسوق أدابا، وأحكاما، وإن السوق هي موضع البياعات، أو التي يتعامل فيها، وهي تذكر وتؤنث، والجمع أسواق، ومعنى تسوق القوم، أى إذا باعوا واشتروا وأصل اشتقاق السوق من سوق الناس إليها بضائعهم، وهو اسم لكل مكان وقع فيه التبايع بين من يتعاطى البيع والشراء، ويعد السوق قديما قدم الإنسان، وذلك لأن الإنسان لا بد له من أمور يسد بها حاجته وحاجة من يعول، وأماكن وجود ذلك هي الأسواق.

سواء كانت صغيرة أو كبيرة، ولقد أولى الإسلام الأسواق العناية الفائقة، والاهتمام البالغ، وذلك لأن الإسلام ذا رسالة خالدة، وأسس عامة شاملة للإنسان والحياة والكون وما يتعلق بهما، وقد تمثل عناية الإسلام بالسوق في حثه على السعي في الأرض، والذهاب إلى الأسواق للتجارة وطلب الرزق الحلال، بل لقد قرن الله العاملين في الأرض للتجارة بالمجاهدين في سبيله، وكان النبي عليه الصلاة والسلام يذهب إلى الأسواق كسبا للرزق، وطلبا للقوت الضروري حتى أن المشركين عابوه بذلك، وقد أقيمت في عهده صلى الله عليه وسلم أسواق واسعة، لابناء فيها ولا ظل، وحظيت باهتمامه الواسع، وعنايته الخاصة صلى الله عليه وسلم، فكان يتعهدها بالمراقبة، ووضع لها الضوابط الشرعية.

فحرّم بيوع الجاهلية المشتملة على الغرور والربا والمكر والخداع والغبن، إضافة إلى ذلك فقد حرّم بيع المحرمات فيها، كالخمر والخنزير وغير ذلك، وكان يتفقد السوق بين الفينة والأخرى مع بعض أصحابه، ثم اقتدى به أصحابه من بعده في كل شيء، فكانوا يذهبون إلى الأسواق فيبيعون ويشترون، كما هو معروف عن أبي بكر وعمر وعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنهم ثم من سار على طريقتهم من التابعين، والملوك والخلفاء إلى يومنا هذا، وأما في زمننا حيث فسد الناس، وانتشر فيهم الجهل، وقل فيهم مراقبة الله إلا من رحم ربي فما أكثر السخب والسخط في الأسواق، والمهاترات والمشاجرات، بل ربما وصل ببعضهم الحد إلى سفك دم أخيه المسلم من أجل كلمة قالها، أو صوت رفعه عليه.

ألا فليتق الله ذوي الألسنة الطويلة، والأيادي الباطشة، وليدعوا تحرشاتهم بالمسلين، وليصونوا ألسنتهم وليحفظوا أيديهم من هتك أعراض المسلمين وسفك دمائهم، ويجب علينا بذل السلام ذلك لأن السلام مما يوجب المحبة ويزيد الألفة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم” لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم” رواه أحمد ومسلم، وذلك لأن فيه الأجر الكثير، فقد قال صلى الله عليه وسلم “إن من موجبات المغفرة بذل السلام، وحسن الكلام” وكما يجب علينا الابتعاد عن قراءة القرآن خاصة في الأسواق المزدحمة وذلك لأن الأسواق يغلب عليه الصياح والانشغال بالبيع والشراء، ولأنه قد يكون بجوار أماكن مستقذرة.

فينبغي أن ينزه القرآن عن تلك الأماكن، وأما إذا كانت القراءة في مكان هادئ ونظيف، وهناك من يسمع وينصت لمن يقرأ فلا بأس بذلك، بل هو فعل حسن، وذلك لأنه ربما قرأ القاري الآيات التي فيها الدعوة إلى المحافظة على الصلوات، فيتأثر التارك للصلاة والمتهاون بها فيحافظ عليها، وربما قرأ الآيات المحذرة من الربا، فيتأثر المتعامل بالربا فيترك التعامل بالربا، وربما قرأ الآيات التي فيها الدعوة إلى العفة والحياء، فيتأثر فمن كان فيه نوع من قلة العفة و الحياء، فيعف نفسه، ويستحي من خالقه وبني جنسه.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار