رابعة العدوية
رابعة العدوية
بقلم / هاجر الرفاعي
السيدة العابدة لله رابعة العدوية أو رابعة القيسية أم عمرو، وهي امرأة من أتباع التابعين، وقد أشتهرت بالعبادة والزهد والورع، وأما عن نسبها للصوفية والتصوف فقيل أنه لادليل عليه لانه لم يكن التصوف في عصرها معروف بمسمياته وميزاته التي نعرفها الآن، وقد أثنى على رابعة جماعة من أئمة السلف منهم: سفيان الثوري وابن الجوزي الذي ألف في سيرتها جزءا خاصا، وقد اتهمت بالحلول، وأنكر ذلك الإمام الذهبي.
فإنها امرأة هامت في حب الله فتجسدت فيها حقيقة صفات : العلم، الزهد، الذكر، التواضع، الخشية، الحب، البكاء، البصيرة، التهجد ، القيام والتقوى، فكانت نموذجا فريدا للمرأة المسلمة الصالحة.. فكانت من المخلصات العابدات، الخاشعات، الناسكات حتى عُرفت في زمانها بعظيم فضلها ومزيد علمها وكمال أدبها.. كانت من أعيان عصرها، وأخبارها في الصلاح والعبادة مشهورة ،
وصفها عبد الله بن عيسى فقال: دخلت على رابعة العدوية بيتها فرأيت على وجهها النور وكانت كثيرة البكاء فقرأ رجل عندها آية من القرآن فيها ذكر النار فصاحت ثم سقطت وعبيس بن مرحوم العطار قال: حدثتني عبدة بنت أبي شوال، وكانت من خيار إماء الله، وكانت تخدم رابعة، قالت: كانت رابعة تصلي الليل كله فإذا طلع الفجر هجعت في مصلاها هجعة خفيفة حتى يسفر الفجر، فكنت أسمعها تقول إذا وثبت من مرقدها ذلك وهي فزعة: يا نفس كم تنامين؟
وإلى كم تقومين؟ يوشك أن تنامي نومة لا تقومين منها إلا لصرخة يوم النشور، قالت: فكان هذا دأبها دهرها حتى ماتت. فلما حضرتها الوفاة دعتني قالت: يا عبدة لا تؤذني بموتي أحدا وكفنيني في جبتي هذه، جبة من شعر كانت تقوم فيها إذا هدأت العيون، قالت: فكفناها في تلك الجبة وخمار صوف كانت تلبسه.
وكان من أقوال السيدة رابعة العدوية “محب الله لا يسكن أنينه وحنينه حتى يسكن مع محبوبه” وقالت أيضا “اكتموا حسناتكم كما تكتمون سيئاتكم” وقالت أيضا “إني لأرى الدنيا بترابيعها في قلوبكم، إنكم نظرتم إلى قرب الأشياء في قلوبكم فتكلمتم فيه” وقد سئلت السيدة رابعة العدوية أتحبين الله تعالى ؟ قالت: “نعم أحبه حقا”، وهل تكرهين الشيطان ؟ فقالت: “إن حبي لله قد منعني من الاشتغال بكراهية الشيطان” فكانت هذه رسالة من السيدة رابعة لكل إنسان وهي أن نحب من أحبنا أولا وهو الله.
وإن من كرامات السيدة رابعة العدوية رضي آلله تعالى عنها قيل : أنها يوما مر عليها الإمام مالك بن دينار رضي آلله تعالى عنه : فوجدها جالسة على حسير عتيق ومختدتها لبنة من طين وتشرب ماء من جرة مكسورة فحزن لحالها وقال لها : لو أذنتي لي أصحاب تجار لجعلتهم ينفقون عليكي : فقالت له لقد أسأت يامالك من الذي يرزق التجار والفقراء أليس الرزاق يامالك لو أردنا الذهب لأصبح التراب ذهبا بأيدينا”
وقيل يوما أرادت الحج رضي آلله تعالى عنها : فمرت على شيبان الراعي وهو أحد الصالحين ومن أهل الكرامة لتأخذ ه معها : فقالت له أني أريد الحج : فأخرج شيبان من جيبه ذهبا : فمدت السيدة رابعة العدوية يدها إلى الهواء فامتلأت ذهبا وقالت له أنت تأخذ من الجيب وأنا اخذ من الغيب : فسارا في اليوم الثاني وكانت الدنيا شديدة الحر وكان في الصيف إذ هما في الطريق مع القافلة إذ جاء كلب يلهث عطشا فكلما جاء إلى راحلة طردوه حتى وصل إلى السيدة رابعة فأوقفت بعيرها ونزلت عنه وأمرت خادمتها ان تصب الماء بكفها وبدأ الكلب يشرب من كف السيدة رابعة حتى اكتفى وولى : ثم سارت إلى ان وصلت بيت الله الحرام
وهي في الحج جاءتها العادة : التي تأتي النساء : فبكت بكاء شديدا : فقالت خادمتها حتى بكيت على حالها “فإذا بصوتا من السماء سمعه كل مؤمن : يا رابعة حتى ملائكة السماء بكو لبكاءك لقد غفر الله يارابعة لقد تقبل الله منك والاجلك عفا الله عن الجميع وقبل آلله حجهم” رضي آلله تعالى عنها السيدة العابدة الزاهدة رابعة العدوية.