المقالات

الدكروري يكتب عن مشكلة تؤرق الاقتصادات الوطنية

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد حثنا الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم بالتزاوج والتكاثر، وذلك لعمارة الأرض والمباهاه بالأمه المحمدية بين الأمم يوم القيامة، وإن من المثير للغرابة أن تجد بعض الساسة في بعض الدول تنظر إلى الكثافة السكانية، وازدياد أعداد المواليد باعتبارها مشكلة تؤرق الاقتصادات الوطنية، وبعض القيادات يرى فيها عبئا يلتهم موارد الدولة، ويحد من معدلات النمو، والحقيقة أن هذه النظرة فضلا عن كونها مجافية للحقيقة سلبية بامتياز حيث يمكن أن ننظر إلى هؤلاء الأعداد الغفيرة على أنها مورد هام، ووسيلة من وسائل زيادة الناتج القومي لأي دولة، فبدلا من أن ننظر إلى الصين مثلا التي بلغ عدد سكانها ما يقرب من المليار ونصف المليار نسمة على أن لديهم مليارا ونصف مليار فم يريد أن يأكل، يمكن النظر إليهم على أن لديهم ثلاث مليارات يد قادرة على العمل والإنتاج.

وقد حكى الله تعالى عن قوم نبي الله شعيب، وذكرهم في معرض حديثه عمّا امتن الله به عليهم من نعم بأن الله كثر عددهم، وجعلهم أمة كبيرة بعد أن كانوا قليلي العدد، فقال تعالي في سورة الأعراف ” واذكروا إذ كنتم قليلا فكثركم” وهنا تكمن أهمية وخطورة الاستثمار في الإنسان في آن واحد، إن الأمم إن لم تستثمر هذه الطاقات البشرية التي لديها، ربما تتحول بالفعل إلى شعوب جاهلة متخلفة، تستهلك ولا تنتج، وربما تعيش عالة على غيرها من الأمم، وتنتظر ما تبدعه العقول الأخرى لتقتنيه، أو توظفه توظيفا سلبيا يضر بمجتمعها، وبأمنه واستقراره، وإن رأس المال الفكري يحتاج إلى العمليات الاستثمارية مضمونة الأرباح على المدى القريب والبعيد، وإن الإنفاق على التعليم والثقافة، وتشجيع الإبداع، ومساندة أصحاب الابتكارات.

وفتح وسائل الإعلام لإبراز جوانب التميز لديهم لهي عمليات لا تقوم بها إلا الأمم الناهضة، التي تخطط لمستقبلها لتجني فيه الأرباح المادية والمعنوية معا، واستثمر في عقلك، وتسلح بالجديد من المهارات والمعارف، واستثمر في تعليم أبنائك، وتأكد بأن أسهمك رابحة لأن استثمار العقول يقود لتحقيق كل أنواع الأرباح، إن أكثر الأمم تقدما الآن هي أكثرها إنفاقا على التعليم، وأكثرها إيمانا بأنه وحده طريق البناء، وقيل أن رجل الأعمال هو إنسان مكافح، اختار المغامرة في خضمّ هذه الحياة، التي يُعد الاقتصاد جملتها العصبية، فهو يستثمر المال والوقت والجهد، ويدرس جدوى أعماله قبل الإقدام عليها، ومع ذلك فقد يتعرّض إلى مفاجآت تحوّل الربح إلى خسارة، والسعادة إلى شقاء، فلا بد من الحيطة والدقة، والأخذ بالأسباب.

وطلب العون والتوفيق من الله تعالى فالتجار “يبعثون يوم القيامة فجّارا إلا من اتقى وبر وصدق” رواه الترمذي، وابن حبان، وابن ماجة، والبخاري، وإن الوجه الآخر لرجل الأعمال يتعلق بالجانب الأسري، والعلاقات مع الأهل والأرحام فالرجل الناجح هو الذي يحسن استثمار بيته وأولاده، كما يحسن استثمار ماله، ويتميز في حسن إدارة بيته، كما يتميز في إدارة شركاته وأعماله فالثروة الحقيقية للإنسان هي أولاده الذين إن أحسن تربيتهم والعناية بهم، ووفر لهم الاستقرار النفسي والعاطفي، كانوا رجالا ناجحين في مجتمعهم، وتألقوا في استثمار علمهم وخبراتهم، والإنسان بفطرته يحب الخلود، ولو بالذكر الحسن في هذه الدنيا، والمال وحده ليس طريقا مأمونا لخلود الذكر الحسن، وإنما استثماره ضمن حدود الشريعة وإنفاقه في طرق الخير هو الذي يعود على الإنسان بالنفع في الدنيا والآخرة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار