دنيا ودين

الرسول وسبعة أيام في الصحراء

جريدة موطني

الرسول وسبعة أيام في الصحراء

بقلـم: محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر التاريخية والإسلامية وكتب السيرة النبوية الشريفة، في رحلة الهجرة النبوية الشريفة، إن هذه الرحلة قد استمرت سبعة أيام متتابعة، وقد كانت فى أيام قيظ، حتى إن بعض المؤرخين يذهب إلى أنها كانت في شهر يوليه، ويقول آخرون اعتمادا على حساب فلكى إنها كانت فى سبتمبر، وعلى كلا الرأيين فهى في وقت شديد الحرارة، وخاصة فى جزيرة العرب، وما أن بلغ أهل المدينة مقدم رسول الله، حتى خرجوا إليه يستقبلونه، وقد كانوا ينتظرون قدومه كل يوم، حتى إذا زال الظل عنهم، رجعوا إلى ديارهم، وفى آخر يوم من رجوعهم، سمعوا رجلا من اليهود ينادى بأعلى صوته فوق إحدى آكام المدينة وهو يقول “يا معشر العرب، هذا جدكم أى حظكم الذى تنتظرون” فخرجوا يحملون أسلحتهم إعزازا لرسول الله.

وتكريما لدين ربهم الذى أنعم عليهم به على يد محمد بن عبدالله وليد مكة، والمهاجر منها إلى المدينة، التى أصبحت فيما بعد مركز الدعوة الإسلامية، والهداية الإلهية، إلى أن ضمت رفاته الشريفة، وفازت بشرف بيت الرسول صلى الله عليه وسلم، كما فازت مكة ببيت الله الحرام، ويأبى الله إلا أن تكون كلمته هي العليا، وكلمة الذين كفروا هي السفلى، فإن تلك النواحى من عبر هجرة الرسول الكريم وفراره بعقيدته، توضح لنا كيف جاهد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام الذين أخلصوا نفوسهم لله، في سبيل إحقاق الحق وإزهاق الباطل، ويجب أن يكون لنا من هذا درس نتخذه مبدأ أعلى للوصول إلى غاياتنا وتحقيق أهدافنا، ما دامت في سبيل الله، وفي سبيل إحقاق الحق، وإبطال الباطل.

ألا فليكن للمسلمين عبرة من تاريخ رسولهم الكريم صلى الله عليه وسلم، من دروسه في تحمل المشاق في سبيل عقيدتهم، وليعلموا أن عقيدتهم التي فرّطوا فيها ليست رخيصة القيمة، وإنما بُذل فى سبيلها دماء ذكية، ونفوس أبيّة، وقلوب طاهرة، ورؤوس شامخة، فعليهم أن يحرصوا عليها، ويستمسكوا بها، ويدفعوا عنها من يريدها بسوء، أو يكيد لها بشر، وليعلموا أن أى شيءٍ فى هذه الحياة لن ينال بسهولة، وبقدر الجهد وبذل التعب، يكون الجزاء والثمن، وليس للكسالى إلا الخسار والدمار، والذل والعار، فلما أراد الله تعالى أن يُظهر دينه وينصر نبيه، جاء وفد من أهل المدينة إلى الحج، فلقيهم رسول الله صلى الله عله وسلم عند العقبة، فقال لهم “من أنتم؟ قالوا نفر من الخزرج، قال “أمن موالى يهود؟ قالوا نعم، ثم عرض عليهم الإسلام فأسلموا.

فلما عادوا إلى المدينة نشروا الإسلام فيها، ثم تمت بيعة العقبة الأولى والثانية فيما بعد، وقد بين النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فى سنته النبويه الشريفه أنواع الجهاد بمفهومه الشامل، فقال ” ما من نبى بعثه الله تعالى في أمة قبلى إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنه تخلف من بعدهم خلوف يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل ” والمراد بجهاد القلب هنا هو بغضهم وبغض حالهم التي هي عقيدة الولاء والبراء، وبدونها لا يصير الإنسان مؤمنا.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار