قصة

الشباك هو الحل

جريدة موطنى

الشباك هو الحل

قصة قصيرة

م محمود عبد الفضيل

ككل الشباب كان علي يبحث عن هويته داخل الجامعة. لم يجد نفسه في الرياضة أو الرسم أو الشعر. كان لكل نشاط طلابه الموهوبين حتي اصبح لكل نشاط محتكريه ولم يستمتع بتلك الأنشطة ولم يجد نفسه في اي منها. 

حتى لمح إعلان عن ندوة باسم مهرجان السينما وسيتم عرض ٣ أفلام جديدةبحضور نخبة من النقاد والصحفيين والفنانين وقد انبهر علي لانه لاول مره في حياته سيشاهد الأفلام في مدرج كلية الحقوق الضخم وسيحضر الناقد المخضرم رفيق الصبان والكاتب سامي السلاموني والمخرج منير راضي مخرج فيلم أيام الغضب والمخرج هاني لاشين مخرج فيلم الارجواز. انتظم في حضور أيام المهرجان وتابع النقاشات بين الطلاب والمبدعين وكمْ كانت ملاحظات الطلاب متميزة أبهرت المبدعين من شباب لم يدرس السينما انتقدوا فيها السيناريوهات و الموسيقي و الديكور 

حاول أن يدلو بدلوه وأرسل في كل ندوة سؤال وكان الأغرب أن تتم الإجابة علي أسئلته باستفاضة واهتمام حينها أحب الفن والسينما. كمْ كان سعيدا أن يجد ألالاف الطلاب من جميع الكليات والمراحل تحضر المهرجان وتحاور كبار الفنانين أثناء وبعد الندوة. شعر لأول مرة بحرية الرأي وبراحة التفكير وتقبل الرأي الآخر وعدم خروج الجميع عن سياق النظام. أصبحت له نظرة نقدية لكل فيلم يشاهده عبر التلفاز ويعبر عن آرائه من خلال الدراما وكأن الشاشة أصبحت عالما موازيا له تحقق أحلامه وتعبر عن رغباته. أصبحت له وجه نظر في الحياة

قاطع سامي السلاموني في ندوته عندما تكلم عن تقييم الممثلين وقال إن السيدة عندما تبكي في الفيلم المحكمين في أوسكار تمنحها ٢ من ١٠ أما إذا بكى الرجل فإنه يحصل علي العلامة الكاملة

فقال علي إن أكثر شخصا يستحق الأوسكار هو من يبكي ندما أمام حبيبته حتى تغفر له خيانته وضجت القاعة بالضحك. تعلم أن الإغراق في المحلية هو أسهل طريق للوصول للعالمية ومن هنا بدا في وضع مجتمعه تحت المجهر وأيقن أن الثقافة والفن هي القوي الناعمة في التعاون بين الشعوب لإيصال وجه النظر الأخرى للجميع

. بعد أسبوعين وجد إعلان عن مناظرة بين التيار الديني والتيار اليساري في نفس المدرج. قرر أن يحضر المناظرة من باب الفضول، في البداية لم يسمع من قبل عن أقطاب التيارين فقد كانوا مغمورين بين عامه الناس والطلاب ولكن كل منهما علم في تياره وعمود من أعمدة التيار وله جمهوره ومؤيديه

بدأت المناظرة هادئة ثم حمي وطيس النقاش وتعالت الأصوات واحتج البعض علي بعض الأسئلة ومع سخونة المناقشات تشاجر من كان علي المنصة كل منهما يرى أنه علي صواب وامتدت المشاجرة إلى باقي المدرج كما تشتعل النار في الهشيم. حاول الهرب من الباب الخلفي المسمى بالطوارئ ولكن وجده مغلقا في ذلك الحين تدخل أمن الجامعة في الفصل بين التيارين وخروج التيار اليساري أولا لأنهم أقل عددا وعده وبقي التيار الديني في المدرج مصرا علي استكمال اللقاء وقد تم له ما أراد

حينها أرسلت ورقه بها سؤال وانتظر كثيرا أن يسمع السؤال وليس الإجابة. ولكن كانت الأسئلة يتم فلترتها وبالتالي لم ينل سؤاله أي اهتمام.

أدرك علي وقتها أن الخلافات في مدرجات كرة القدم ليست ظاهره ولكنها نموذج لأي مواجهة بين طرفين لان رغم أن اللغة واحدة إلا أن الحوار مقطوع. الجميع يسمع ليرد لا ليفهم. قرر علي أن تكون حياته عبر الشاشة رافضا الحوار لأنه يعلم نهايته وأصبحت الدراما هي حياته التي من خلالها يطرح وجه نظره وكأن أوراقه هي درعه وقلمه هو سيفه.

مرت السنوات وأصبح علي من كبار كتاب الدراما في المنطقة العربية ونال الكثير من الجوائز والأوسمة رغم شهرته المدويةلا يعرف الكثير ملامحه لان فلسفته قد يموت الجسم ويبقي الاسم

تمت

الشباك هو الحل

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار