الدكروري يكتب عن صاحب كتاب ذم الكلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير والكثير عن الإمام الهروي شيخ الإسلام، الإمام القدوة الحافظ الكبير، هو الخواجة أبو إسماعيل عبد الله الهروي الأنصاري، وقد سمع شيخ الإسلام، الإمام القدوة الحافظ الكبير الهروي من عبد الجبار بن محمد الجراحي وهو جامع أبي عيسى كله أو أكثره، والقاضي أبي منصور محمد بن محمد الأزدي وأبي الفضل محمد بن أحمد الجارودي الحافظ وأبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد السرخسي، وخاتمة أصحاب محمد بن إسحاق القرشي وأبي الفوارس أحمد بن محمد بن أحمد بن الحويص البوشنجي الواعظ وأبي الطاهر أحمد بن محمد بن حسن الضبي وأحمد بن محمد بن مالك البزاز وقد لقي أبا بحر البربهاري وأبا عاصم محمد بن محمد المزيدي وغيرهم الكثير.
وكان من أقدم شيخ له الجراحي ، وقد سمع منه في حدود سنة عشر وأربعمائة، وينزل إلى أن يروي عن أبي بكر البيهقي بالإجازة وقد سمع من أربعة أو أكثر من أصحاب أبي العباس الأصم، وقال السلفي سألت المؤتمن الساجي عن أبي إسماعيل الأنصاري فقال كان أية في لسان التذكير والتصوف من سلاطين العلماء سمع ببغداد من أبي محمد الحسن بن محمد الخلال وغيره ويروي في مجالس وعظه الأحاديث بالإسناد وينهى عن تعليقها عنه قال وكان بارعا في اللغة حافظا للحديث، قرأت عليه كتاب ذم الكلام، روى فيه حديثا عن علي بن بشرى عن ابن منده عن إبراهيم بن مرزوق فقلت له هذا هكذا ؟ قال نعم وابن مرزوق هو شيخ الأصم وطبقته وهو إلى الآن في كتابه على الخطأ، قلت نعم.
وكذا أسقط رجلين من حديثين خرجهما من جامع الترمذي، نبهت عليهما في نسختي وهي على الخطأ في غير نسخة، وقال ابن طاهر وسمعت أبا إسماعيل يقول قصدت أبا الحسن الخرقاني الصوفي ثم عزمت على الرجوع فوقع في نفسي أن أقصد أبا حاتم بن خاموش الحافظ بالري وألتقيه وكان مقدم أهل السنة بالري وذلك أن السلطان محمود بن سبكتكين لما دخل الري وقتل بها الباطنية، منع الكل من الوعظ غير أبي حاتم، وكان من دخل الري يعرض عليه اعتقاده فإن رضيه أذن له في الكلام على الناس وإلا فمنعه، قال فلما قربت من الري كان معي رجل في الطريق من أهلها فسألني عن مذهبي فقلت حنبلي، فقال مذهب ما سمعت به وهذه بدعة وأخذ بثوبي وقال لا أفارقك إلى الشيخ أبي حاتم، فقلت خيرة.
فذهب بي إلى داره وكان له ذلك اليوم مجلس عظيم فقال هذا سألته عن مذهبه، فذكر مذهبا لم أسمع به قط قال وما قال ؟ فقال قال أنا حنبلي فقال دعه فكل من لم يكن حنبليا، فليس بمسلم فقلت في نفسي الرجل كما وصف لي ولزمته أياما وانصرفت، وكما قال شيخ الإسلام في كتابه ذم الكلام، في أوله عقيب حديث اليوم أكملت لكم دينكم ونزولها بعرفة سمعت أحمد بن الحسن بن محمد البزاز الفقيه الحنبلي الرازي في داره بالري يقول كل ما أحدث بعد نزول هذه الأية فهو فضلة وزيادة وبدعة، قلت قد كان أبو حاتم أحمد بن الحسن بن خاموش صاحب سنة واتباع وفيه يبس وزعارة العجم وما قاله فمحل نظر، ولقد بالغ أبو إسماعيل في كتاب ذم الكلام على الاتباع فأجاد ولكنه له نفس عجيب لا يشبه نفس أئمة السلف في كتابه منازل السائرين.
ففيه أشياء مطربة وفيه أشياء مشكلة ومن تأمله لاح له ما أشرت إليه والسنة المحمدية صلفة ولا ينهض الذوق والوجد إلا على تأسيس الكتاب والسنة، وقد كان هذا الرجل سيفا مسلولا على المتكلمين له صولة وهيبة واستيلاء على النفوس ببلده يعظمونه ويتغالون فيه ويبذلون أرواحهم فيما يأمر به وكان عندهم أطوع وأرفع من السلطان بكثير.