قصة

كشري سرحان

جريدة موطنى

كشري سرحان

قصة قصيرة

بقلم م . محمود عبد الفضيل 

كان يسكن في قرية صغيرة متاخمة لإحدى المدن الساحلية ورغم الحاله المادية البسيطة لأسرته إلا أنها اعتادت في فصل الصيف علي الذهاب إلى أحد. الشواطئ العامة لتلك المدينة الساحلية لقضاء يوم ممتع علي شاطئ البحر تستمتع بالسباحة والمرح والهواء النقي ولون البحر الأزرق الذي عشقه.

كان والده يجمع الأسرة في سيارته الربع نقل ماركه شيفورليه القديمة ويتجه إلى الشاطئ. كانت الرحلة تضم الزوجة والخالات والأب والأعمام وأبناء العم والخاله. كان دخولهم الشاطئ بمثابة هجوم كاسح وسط صخب ومزاح يلفت نظر المصطافين. تفرش السيدات ملاءة علي الأرض ويقيم الرجال خيمه كبيرة للاستراحة والوقاية من الشمس وكذلك لتغيير الملابس وارتداء ملابس الشاطئ

الأولاد والبنات يهرعون إلى البحر في سباق محموم حيث يستعرض كل منهم مهاراته في السباحة ومصارعة الأمواج وآخرون يلهون بكرة يقذفونها لبعضهم البعض وبعد الخروج من الماء يلعب الجميع كرة القدم وسط رمال ساخنة بأقدام حافية اعتادت علي التحمل والجلد. ثم يأتي وقت الغداء بأطباق المكرونة الشهية والبطاطس المحمرة. وفي وسط هذا الجو البهيج لا يخلو اليوم من بعض المضايقات مثل الدفاع عن بنات العائلة من مزاح الشباب أو محاولة بعض البلطجية التعرض للأسرة للحصول منهم علي أموال نظير استغلالهم للشاطئ

ومن بعض نظرات وتعليقات أهل المدينة على مشاركة أهل القرى لهم البحر وكأنه كتب باسمهم وسخريتهم من لباسهم البسيط وتصرفاتهم العفوية ولغتهم الغريبة التي لم يعتد عليها أهل المدن

كل هذا لم يفقد الأسرة استمتاعها باليوم

وظلت الأسرة كل شهر في فترة الصيف تزور ذلك الشاطئ حتى حفظه عن ظهر قلب سرحان

الذي عشق المدينة بكل ما بها من سلبيات. كان حلمه أن يعيش في تلك المدينة ويتمتع بكل مباهجها وخصوصا البحر الذي عشقه والرمال التي كتب عليها الكثير من أحلامه وآتي عليها الموج ومسح كل الأحلام. أنهى سرحان دراسته في معهد السياحة والفنادق بتفوق وقرر أن يبدأ مشروعه في الصيف وفي أحد الشواطئ العامة التي اعتاد الذهاب إليها مع أسرته

كان يحلم أن يوفر وجبة شعبية رخيصة الثمن للمصطافين بعيدا عن المطاعم الفاخرة التي لا يقدر على ارتيادها الفقراء.

وكان قراره أن يتفق مع أحد الكافيهات التي يتم تأجيرها على الشاطئ بأن تخصصا له مكان لبيع الوجبة الشعبية التي تلائم جميع مرتادي الشاطئ سواء أسر أو مجموعات شباب أو رحلات.

افتتح المكان بتجهيزات بسيطة ومع نسائم الريح تهب رائحة الكشري وتنتشر في جميع أرجاء المكان ويهرع الجميع بعد الخروج من الشاطئ للحصول على تلك الوجبة الشهية ذات الرائحة المميزة. كان والده يمده كل أسبوع باحتياجات المطعم بأسعار زهيدة. وقرر سرحان استئجار مكان للمبيت مع أولاد عمه وأولاد خاله حيث أشركهم في الديلفري على الشاطئ وبعضهم لمساعدته في إعداد الوجبات. أصبح معظم العائلة يعمل في مطعم سرحان ومع الوقت اشتهر المطعم ووضع سرحان لافتة كبيرة باسم كشري سرحان ليسهل على الجميع الوصول إلى المطعم الذي أصبح في خلال شهرين أيقونة للمكان. وفي يوم من الأيام مر المحافظ ومساعديه علي الشاطئ للاطمئنان على المكان وحل أي مشاكل وتوفير الخدمات ولاحظ المحافظ زحاما شديدا وغير معتاد على أحد المطاعم. نظر إلى اللافتة وتوجه برجاله إلى المطعم والتقي بسرحان وتفاجئ المحافظ أن سرحان شاب صغير وناجح في مشروعه وكان سؤال معظم من يقف في الطابور للحصول على وجبة الكشري هو مين اللي واقف مع سرحان؟ في نهاية زيارة المحافظ والقيادات الشعبية والتنفيذية للشاطئ أعطى المحافظ سرحان رقم موبايله الشخصي للاتصال به في حاله مواجهته أي مشكلات

وخلال تلك الزيارة سجلت وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية حوار سرحان مع المحافظ والتقت الكثير من القنوات مع سرحان لنقل تجربته للشباب

وترويج فكره عدم انتظار الوظيفة وتشجيع العمل الحر.

في خضم ذلك الزخم الإعلامي تلقي سرحان أهم اتصال في حياته

عرض من رجل الأعمال الشهير في المحافظة بتبني فكره سرحان وأنشأ سلسلة مطاعم تحمل اسم كشري سرحان في المناطق الحيوية في المدينه

رحب سرحان بالعرض خاصة أن موسم الصيف قارب على الانتهاء. وسوف يقل رويدا رويدا مرتادو الشاطئ.

بدا جابر بيه أبي دقة في تجهيز المطاعم وتسليم إداراتها لسرحان الذي عين جميع أقاربه وأصدقائه في فروع تلك المحلات وأصبحت محلات كشري سرحان علامة مسجلة وبراند يغزو الأحياء الشعبية والراقية علي حدا سواء

وانتقل جميع أقارب وأصدقاء سرحان للإقامة في تلك المدينة للعمل بسلسلة المطاعم ٠

تزوج سرحان من ميرهام الابنة الوحيدة لجابر بيه وكان يصر كل عام لاصطحابها للشاطئ العام الذي بدا فيه أول محل باسم كشري سرحان ويحكي لها ذكرياته مع هذا المكان وكانت لا تمل من سماع تلك الذكريات بل تزداد إعجابا وفخرا بزوجها خاصة أن والدها أيضا رجل عصامي بدا حياته من الصفر في تجارة الملابس عندما آتي من الصعيد مع والده

وكان سرحان دائما يردد عليها أبيات الشعر التي كان يسمعها في الراديو من رباعيات صلاح جاهين

غمض عينيك وارقص بخفة ودلع الدنيا هي الشابة وأنت الجدع تشوف رشاقة خطوتك تعبدك لكن أنت لو بصيت لرجليك… تقع

ثم يصيح بصوت مشابه لصوت الفنان سيد زيان

وكششششري 

المرة دي مش هقول تمت

السؤال ما هو اسم محافظة سرحان ؟

وما هو اسم ا

لمدينة الساحلية ؟

كشري سرحان

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار