مراة ومنوعات

الدكروري يكتب شروط جواز النظر إلي المرأة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إنه قيل كيف يعم الهلاك بقوم مع أن فيهم مؤمنا ليس بظالم؟ قيل بأنه يجعل هلاك الظالم انتقاما وجزاء وهلاك المؤمن معوضا بثواب الآخرة، فعلينا أن نغير ما بأنفسنا من كل فساد وأخلاق ذميمة إلى الصلاح والقيم الفاضلة، ونغير ما بأنفسنا من الحالة المتردية التي نحياها إلي استشراف المستقبل بأمل كله ثقة في الله، ونغير ما بأنفسنا من الكسل والخمول إلى الجد والاجتهاد والعمل والنشاط، ونغير ما بأنفسنا من المعاصي والذنوب إلي المجاهدة في التقرب إلي الله سبحانه وتعالي، ونغير ما بأنفسنا من الأحقاد والضغائن إلي الصفاء والنقاء، ونغير ما بأنفسنا من الكذب إلي الصدق ومن الخيانة إلي الأمانة، ونغير ما بأنفسنا من التقرب إلي العباد إلي التقرب إلي رب العباد.

وقال النووي في شرح مسلم “والجمهور أنه لا يشترط في جواز النظر إليها رضاها، بل له ذلك في غفلتها، ومن غير تقدم إعلام، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك مطلقا، ولم يشترط استئذانها، ولأنها تستحي غالبا من الإذن، ولأن في ذلك تغريرا فلربما رآها فلم تعجبه فيتركها فتنكسر وتتأذى” وإذا لم يتمكن الخاطب لظروف تمنعه من النظر إلى مخطوبته، فإنه يُستحب له أن يبعث امرأة يثق بها، فتنظر إليها، وتخبره بصفتها، كما فعل النبي عليه الصلاة والسلام حين بعث أم سُليم إلى امرأة رغب فيها، وقال لها “انظري إلى عرقوبيها، وشمي عوارضها” فإن النظر إلى المرغوب فيها، لا يعني بحال الخلوة بها، بل إن مقصوده يتحصّل بالنظر إليها في مكان آهل عام، أو بحضور أحد محارمها.

وإذا كان المندوب نظر الرجل إلى المرأة قبل إقدامه على الزواج منها، فهل من المندوب أن تنظر هي إليه؟ فقال الصنعاني في كتاب سبل السلام “ويثبت مثل هذا الحكم للمرأة، فإنها تنظر إلى خاطبها، فإنه يعجبها منه ما يعجبه منها، كذا قيل ولم يرد به حديث، والأصل تحريم نظر الأجنبي والأجنبية إلا بدليل، كالدليل على جواز نظر الرجل لمن يريد خطبتها” فنحن نريدها زوجة مؤمنة تعينه على إيمانه، ونريدها كامرأة أبي الدّحداح التي جاءها زوجها يقول لها هيا اجمعي متاعك فقد بعت البستان، قالت بما؟ قال بنخلة في الجنة، فقالت له على الفور ربح البيع فتأمل هذه المرأة التي تعين زوجها على الوفاء بكلمته، ونريد الزوجة التي تسر زوجها كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم.

“ما استفاد المؤمن بعد تقوى الله عز وجل خيرا له من زوجه صالحة إن أمرها أطاعته، وإن نظر إليها سرته، وإن أقسم عليها أبرّته، وإن غاب عنها نصحته في نفسها وماله” وهي تسرّه في نفسها، وفي طعامها، وفي منزلها نظافة وترتيبا ونظاما، وتسرّه في حسن رعايتها لأولادها، وفي حسن تربيتها لهم وعنايتها بهم، ونريد الزوجة التي تفكر بعقل ومنطق وتدبر، وتعرف ما لها وما عليها لتستطيع تخطي العقبات داخل أسرتها، وتوازن بين الحقوق والواجبات، ونريد الزوجة التي تشارك زوجها في الآراء لما فيه مصلحة المنزل، وتخفف عنه الأعباء، وتسانده في كل القضايا، ونحن نريد الزوجة التي تكرم زوجها إكراما حقيقيا نابعا من قلبها وعقلها فتكرم لأجله كل من يتصل به من قريب أو حبيب، فتكرم أهله.

وتكون عونا حقيقيا لزوجها على بر والديه لنيل رضاهما، وإدخال السرور إلى قلبيهما، فتكبرهما، وتبرهما، وتكرم كل من ينتمي إليهما من قريب أو بعيد، ونريد الزوجة الراضية بما يأتيها به زوجها، القنوع التي تقنع بالقليل، ولا ترهق زوجها بكثرة طلباتها، ونريد الزوجة المؤثرة التي تؤثر رغبات زوجها وأولادها على رغبات نفسها وحاجاتها، ونريد الزوجة المستقيمة التي تحكمها ضوابط الشريعة وقيمها، فلا تميل مع الأهواء والشهوات، ونريد الزوجة الواعية المُلمّة بثقافة عصرها، الراقية في تفكيرها، التي توازن بين ما يجب أن تكون عليه من الثقافة والوعي والرقي الفكري لأن العلم وحده لا يكفي، وذلك لتستطيع أن تبعد شبح النزاع بينهما وبين زوجها.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار