مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن التهيؤ للعبادة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن التهيؤ للعبادة والاستعداد لها مثل التبكير إلى المساجد لأداء الصلاة، فإن هذا يكون التهيؤ المادي الجسدي ويصاحبه أيضا تهيؤ نفسي وروحي وقلبي، وإن في حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبكير إلى المساجد خير دليل على ذلك، والأحاديث كثيرة مشهورة، ومن هنا نفهم كثرة ما ورد عن السلف الصالح في هذا الشأن، فهذا إبراهيم بن يزيد الفقيه عابد الكوفة يقول “إذا رأيت الرجل يتهاون في التكبيرة الأولى فاغسل يدك منه” والتهيؤ يكون بحسب كل عبادة وما شرع فيها، والحج كذلك له تهيؤ فرد الأمانات والمظالم، والتخلص من الحقوق قبل الشروع في السفر كلها صور للاستعداد لهذه العبادة العظيمة، وكذلك تهيئة الزاد والراحلة والرفقة الصالحة، والمتأمل في ذلك يجد الفرق شاسعا بين من يؤدي العبادة دون استعداد بدني يصحبه تهيؤ قلبي.

ومن يأتي الصلاة مسرعا حتى يدرك الركعة فيدخل في الصلاة ولم يسكن جسده من ذلك السعي، ولعل في نهي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عن السعي بعد الإقامة إشارة إلى ذلك، وإلى أن يتفاعل الإنسان روحيّا ونفسيا مع هذه العبادة تكون الصلاة أوشكت على النهاية، وكذلك الابتعاد عما يشوش القلب أثناء العبادة، ففي الصلاة مثلا نهى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم المصلي أن يصلي إلى مايشغله أثناء الصلاة” فإنه لا ينبغي أن يكون في البيت شيء يشغل المصلى، ولهذا جاء النهي عن أن يصلي الإنسان في حضرة طعام أو وهو يدافع الأخبثين، كل هذا من أجل أن ينخلع القلب من علائق الدنيا وينجذب إلى حقيقة العبادة ويجتمع في قلب العبد وفكره ووجدانه الاتجاه إلى الله سبحانه وتعالى، ومثل هذه الأمور يمكن فعلها في عبادات أخرى.

ليكون أدعى لانشغاله وتفرغه للعبادة، مما يؤدى لتفرغ قلب الإنسان للتوجه وللعبودية لله عز وجل أثناء الصوم، والذى يرى أن كثيرا من الناس يؤدي بعض العبادات بصورة تلقائية أقرب إلى الحركة الميكانيكية، فمثلا في الصلاة ترى كثيرا منهم يدخل في صلاة النافلة فيقرأ دعاء الاستفتاح الذى يجري على لسـانه، ومن ثم سورة الفاتحة، ثم تجري على لسانه إحدى السور الصغار التي يحفظها على ظهر القلب، وربما إذا سألته بعد صلاته ماذا قرأ، فإنه لا يذكر، ولاتفكر الأغلبية العظمى من الناس مثلا فى قراءة صيغة أخرى لدعاء الاستفتاح، أو في قراءة آيات أو سور من غير تلك السور التي تجري على ألسنتهم، دون أن يتفكروا فيها أو يشعروا بها، مع أن السنة وردت بالتنويع في هذه الأذكار، فهناك عدة صيغ لدعاء الاستفتاح.

والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم كان يقرأ من القرآن كله في تطوعه، وهكذا في أذكار الصباح والمساء وغيرها من الأذكار والعبادات الدورية التي وردت السنة بهيئات وصيغ متعددة لها، وإن التنويع في صفات العبادة بما يوافق السنة الصحيحة له أثر في طرد ما قد يطرأ على العبادة من صفة العادة والرتابة التي تضعف تأثير العبادة على القلب، هذا والوسائل كثيرة ومتنوعة، لكن حسب الإنسان أن يضع هذه القضية نصب عينيه هدفا منشودا، وأن يحاسب نفسه فيما يتعلق بها، فكلما عمد إلى عبادة من العبادات عليه أن ينأى بعبادته أن تكون ميتة، فالإسلام جعل العبادات وسيلة لتطهير العقل والنفس والسلوك لأن أساس الحياة الصالحة السعيدة طهارة العقل والنفس والسلوك.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار