المقالات

الدكروري يكتب عن خصال خواص الخلق

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن النفوس مجبولة على مقابلة المسيء بإساءته، وعدم العفو عنه، فكيف بالإحسان؟ فإذا صبر الإنسان نفسه، وامتثل أمر ربه، وعرف جزيل الثواب، وعلم أن مقابلته للمسيء بجنس عمله لا يفيد شيئا، ولا يزيد العداوة إلا شدة، وأن إحسانه إليه ليس بواضع قدره، بل من تواضع لله رفعه، هان عليه الأمر متلذذا مستحليا له، لكونه من خصال خواص الخلق التي ينال بها العبد الرفعة في الدنيا والآخرة، التي هي من أكبر خصال مكارم الأخلاق، ولا عجب أن رأينا أحد محققي علماء الإسلام مثل شيخ الإسلام ابن القيم رحمه الله يقول “الدين هو الخلق، فمن زاد عليك في الخلُق، زاد عليك في الدين” وإن من خصائص مكارم الأخلاق هو عدم الحكم على الأفعال من ظاهرها فقط، وإنما النظرإلى النوايا والمقاصد، وذلك اقتداء بقول النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

“إنما الأعمال بالنيات” وأن يكون هناك توازن بين مطلب الروح والجسد، حيث يشبع الإنسان رغباته بما يتناسب مع الإطار الشرعي، وكذلك إطار الأخلاق، فقال الله سبحانه وتعالى فى كتابه الكريم “قل من حرم زينة الله التى أخرج لعباده والطيبات من الرزق” وكذلك فإن الاخلاق الإسلامية تتصف بالسهولة والمرونة، كما وأنها صالحة لكل مكان وزمان، وإن مبادئ الأخلاق تقوم على نفع العقل وإرضاء القلب وتقود الإنسان إلى الطريق الصحيح الذي فيه السعادة والخير وراحة النفس، فما أجمل أن يتحلى شبابنا في المجتمعات العربية والإسلامية بهذه الأخلاق الحميدة، وخصوصا في زمننا هذا الذي انتشرت به التكنولوجيا الحديثة، وطغت بشكل كبيرعلى هذا العالم وحولته إلى بؤرة صغيرة، وكذلك تداخل الثقافات والعادات الغربية على مجتمعاتنا العربية.

لذلك يجب الحث دائما على الاقتداء والتمسك بهذه الاخلاق، التي تحفظ شبابنا ومجتمعاتنا من الوقوع في المعاصي والجهل، كما ونرتقي بها ونتميز أمام الشعوب الأخرى، ويصف عالم الاجتماع جيراد الأخلاق في المجتمع فيقول أن الأخلاق لا تطور نفسها بدون الفلسفة الأخلاقية وعلم الاجتماع وعلم النفس، إذ توجد الأخلاق في المقام الأول في التفاعل بين الفرد والمجتمع، وهناك علاقة بين علم الاجتماع والأخلاق، ويعد علم الاجتماع أساسا للأخلاق لأنه يفسح المجال لتطوير الحياة، البشرية والفردية والاجتماعية لخلق ثراء أكبر وانسجام أكبر في المجتمع، ومن خلال التفاعل مع الإنسان، يمكن للأخلاق أن تساعد الناس على بناء الثقة والعلاقة الحميمة في المجتمع، وهذا يظهر أهمية الأخلاق في المجتمع، وكذلك فإن للأخلاق أثر واضح على بناء المجتمع والإنسان.

فهي مقياس على مدى صلاحيته، وعلى مدى الالتزام بالمكارم والصفات الحسنة، خاصة أن الأخلاق تساهم بشكل كبير في دفع المجتمع ليكون مجتمعا فاضلا، وإن أثر الأخلاق على المجتمع يظهر فى قلة المشكلات حيث تساهم الأخلاق في قوة البنية الداخلية للمجتمع، والحد من حدوث المشاكل داخل الأسرة، كما أنها تقلل من وقوع الجرائم في المجتمع لأنها بمثابة رادع للإنسان، وهي اللبنة الأساسية التي ترتكز عليها المثل العليا للوصول إلى الأمن والأمان الذي تنشده المجتمعات والحد من الجرائم، لهذا فإن أساس تطور المجتمعات وسموها هو وجود الأخلاق الفاضلة التي تترك الأثر الطيب فيها، أما انعدام الأخلاق في المجتمع فيعني دماره وتحوله إلى غابة لا يوجد فيها أي رادع أو قانون.

وكذلك من الآثار الطيبه للأخلاق هو انتشار المحبة والسلام، حيث أن من أهم آثار الأخلاق الحسنة أنها تساهم في نشر المحبة والألفة والسلام بين الناس، لأنها تجبر صاحبها على احترام الآخرين وعدم المساس بحقوقهم وأعراضهم، وكما أن انتشار المحبة والسلام نتيجة أساسية للتحلى بالأخلاق التي يساهم في نشر العدل وبث الطمأنينة، والتخلص من كل ما يسبب الأذى للناس، وهي أكبر رادع للإنسان كي يكون صالحا يدعو للخير والإصلاح.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار