مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن ضياع أموال المغفلين بالباطل

بقلم / محمــــد الدكـــروري
مهما كان الإنسان يظن نفسه مفتقرا إلى بعض النعم، إلا أنه عندما يمعن النظر فيما عنده سيدرك سريعا أن نعم الله ما تزال كثيرة، ومن نعم الله على الإنسان أن أعانه بالعقل على تسخير موجودات الكون لخدمته، فأوجد الله له الغذاء في النياتات وبعض الحيوانات، ووفر له الماء، وجعله قادرا على استدامة هذه الموارد فتعلم الإنسان الزراعة، وتعلم مواجهة مخاطر الطبيعة والتنبؤ به في بعض الأحيان، فاستطاع حماية نفسه من الحيوانات المفترسة، وتنبأ بالزلازل والبراكين، واستطاع إيجاد العقاقير والعلاجات واللقاحات للأمراض التي كانت تفتك بالبشر، وكل ذلك من لطف الله وعظيم قدرته بأن ميّز الإنسان بالعقل.
وإن من أحد المظاهر البارزة في أكل الحرام، والذى أخذ فى نخر بنية المجتمع بشكل فظيع، والتهم أموال المغفلين بالباطل هو القمار، فتفاقمت الأحقاد، وانتشرت العداوة، وكثرت الخصومات، إنه “القمار” الذى ما دخل بيتا إلا أفسده، ولا تمكن من قلب إلا أهلكه، ولا استشرفت له نفس إلا أفلست، فقال تعالى “يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون” وإن ما يجري الآن، هو امتداد لعلمنة القمار، الذى أفسد المجتمعات الغربية، وأرادوا منا اقتداءهم في هذا الفساد، الذى جعل المدمنين منهم يصلون درجة تسمى بالقمار المرضي” وقد صنف خبراء منظمة الصحة العالمية.
الهوس بالقمار مع أمراض الإدمان، ويوجد بعض المستشفيات في الغرب متخصصة في معالجة إدمان القمار، الذي أصبح مشكلة اجتماعية متفاقمة عندهم، حيث أوضحت دراسة أعدتها “جامعة هارفارد”، أن من أعراض هذا المرض أمورا منها الاكتئاب والتوتر الشديدان، وفقدان القدرة على النوم، وهذا يؤدي إلى الهروب من الواقع إلى عالم المخدرات، وفقدان التواصل، وربما الانتحار، وكذلك فإن إن للقمار أضرارا عظيمة منها أنه سبب في نشر العداوة والبغضاء بين المتقامرين، الذين قلما ينتهي لعبهم سالما من الخصومات والمشاجرات، وربما المقاتلة، فقال تعالى فى كتابه العزيز “إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء فى الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون”
فكم مقامرا قتل خصمه بسبب خلاف حول طريقة اللعب؟ وكم زوجا أحرق زوجته، لأنها أبت أن يقامر بمالها بعد أن استنفد ماله، أو بسبب رفضها جعل بيتها وكرا لأصدقائه المقامرين؟ وأيضا هو سبب للتهاون في أداء الواجبات والعبادات، كالصلاة، وذكر الله، وطاعة الوالدين فقال تعالى ” ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة” وأيضا هو سبب في الانتقال من الغنى إلى الفقر، وقد يحصل ذلك في ليلة واحدة، ومنهم من يستدين بعد غنى، مما يسبب قلقا، وتفككا أسريا، وتذمرا، واكتئابا، وانزواء، وهزالا، وهو أيضا دعوة إلى التكاسل والتواكل، وإضعاف القوة العقلية، بترك الأعمال المفيدة، واتخاذ الأسباب الشرعية لتحصيل المال.
كالتجارة، والفلاحة، والصناعة وغيرها، مع الاستسلام لخطوات الشيطان، الذى يداعب أحلام المقامرين بالغنى الفاحش، مقابل دفع مبالغ زهيدة، وهو أيضا سبب لانتشار الأزمات النفسية، وارتفاع الضغط، بسبب السهر، والأرق، وكثرة الانفعالات والتوترات النفسية، والصدمات العصبية، والخوف من الإفلاس، وشدة الألم عند ضياع المال، مما يؤدي إلى الشيخوخة المبكرة، ويولد اليأس والإحباط، وربما الانتحار، وكم كان القمار سببا في أمراض القلب والشرايين، وانفجار الأوعية الدماغية المفاجئة، والإصابة بالشلل والفالج، وهكذا القمار وخطورته، وموقف الإسلام الشديد في تحريمه، لما يسببه من أكل للمال بالباطل.
ومن شقاق ونزاع بين الناس، وما يورث صاحبه من توترات واضطرابات، قد تصل إلى أمراض عصبية خطيرة، وأن القمار عندنا تحركه أياد خفية، تريد تطبيع المسلمين معه، وجعله ظاهرة متفشية، تتكسر عندها كل دعوة للشجب والإنكار.
اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار