مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن نشر ثقافة السلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن مواساة المنكسرين وتطيب خواطرهم لا يقتصر على الكلام فقط، بل قد تكون المواساة وتطييب الخواطر بالمال، وقد تكون بالجاه، وقد تكون بالنصيحة والإرشاد، وقد تكون بالدعاء والاستغفار لهم، وقد تكون بقضاء حوائجهم، فعلى قدر الإيمان تكون هذه المواساة، فكلما ضعف الإيمان ضعفت المواساة، وكلما قوي قويت، ولقد حان الوقت لضرورة التحرر من الشكل الوثائقي والمكتبي للأبحاث العلمية والنزول الفعلي لأرض الواقع وتفعيل مبادرات بناء ونشر ثقافة السلام، والعمل على توظيف العلم في خدمة البشرية وتحقيق الأمن والآمان حتى تسود المحبة والسلام في العالم أجمع، ونقضي على الحروب بأنواعها وجميع أشكالها، ونفتح القلوب بعد تنقيتها من جميع الأحقاد والشرور وكل انسان في الأرض يحب لأخيه ما يحبه لنفسه.

ونحاول الرجوع إلى الفطرة الانسانية الجميلة التي خلقنا بها الله عز وجل، حيث ساوى بيننا جميعا كأسنان المشط وخلق لنا قلب ينبض بالحياة يجد راحته وسط المحبة والأمن والسلام وحب الخير للجميع وأن تكون قلوبنا مظلة للسماح تحوي تحت ظلالها اجماع القلوب على أهمية وجود المحبة والسلام في جميع ربوع الأرض، وإن من فضائل السلام وخصائصه أنه من خير أمور الإسلام، أنه من أسباب المودة والمحبة بين المسلمين والتي هي من أسباب دخول الجنة فعن أبى هريرة رضى الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شئ إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم” رواه مسلم، وقال القاضي عياض والألفة إحدى فرائض الدين، وأركان الشريعة.

ونظام شمل الإسلام، وأن كل جملة منه بعشر حسنات، فإن في هذا الثواب العظيم من رب كريم، وكم تكون حسناتنا لو اتبعنا هَدى النبي صلى الله عليه وسلم عند تحية إخواننا المسلمين، ووا عجبا لكثير من الذين استبدلوا بالسلام تحية ما أنزل الله بها من سلطان، ولا شرعها النبي صلى الله عليه وسلم لأمته، متبعين في ذلك غير المسلمين، وإن أعظم الناس أجرا من بدأ بالسلام، فعن أبى أمامة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن أولى الناس بالله من بدأهم بالسلام” رواه أبو داود، ولما كان أجر إلقاء السلام ورده عظيما فقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم أمته في ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم ” إذا لقى أحدكم أخاه فليسلم عليه فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه أيضا” رواه أبو داود.

وقال النووي إذا سلم عليك إنسان ثم لقيته عن قرب، يُسن لك أن تسلم عليه ثانيا وثالثا وأكثر، وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال كنت رديف أبي بكر، فيمر على القوم فيقول السلام عليكم، فيقولون السلام عليكم ورحمة الله، ويقول السلام عليكم ورحمة الله، فيقولون السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال أبو بكر فضلنا الناس اليوم بزيادة كثيرة” رواه البخارى، وإلقاء السلام سنة مؤكدة وأما رده فواجب عينا، إذا قصد به شخص واحد، وعلى الكفاية إن قصد به جماعة، فإن رد جميعهم فهو أفضل، والواجب في الرد أن يكون مثل السلام، وإن زاد عليه فهو أفضل، لكن لا ينقص عنه، فمن سلم فقال السلام عليكم ورحمة الله، فجوابه هو وعليكم السلام ورحمة الله، وإن زاد وبركاته، فهذا أفضل، لكن لا يجوز الاقتصار في الجواب على وعليكم والسلام فقط.

لأنها دون السلام، فقال الله تعالى فى سورة النساء “وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها” وقال ابن كثير رحمه الله، أي إذا سلم عليكم المسلم فردوا عليه أفضل مما سلم، أو ردوا عليه بمثل ما سلم، فالزيادة مندوبة، والمماثلة مفروضة، ومما يعتبر جوابا غير سائغ شرعا، أن يرد بقوله أهلا ومرحبا، أو نحوها، مكتفيا بها، وذلك لأنها ليست بجواب شرعي للسلام، ولأنها أنقص من السلام بكثير، فإن قوله وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، وما تحمله من معانى عظيمة أفضل من قول القائل أهلا ومرحبا، ولكن لا بأس بقولها لا على أنها رد السلام، إنما يرد السلام، ويقولها بعد ذلك، فقد ثبت في الصحيحين قول النبي صلى الله عليه وسلم ” مرحبا بأم هانئ” وغير ذلك.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار