المقالات

الدكروري يكتب عن واعملوا صالحا

الدكروري يكتب عن واعملوا صالحا
بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد بيّن الله سبحانه وتعالي أنه أمر أعلى خلقه قدرا وأعظمهم منزلة بإحسان العمل، فقال سبحانه وتعالي في سورة المؤمنون ” يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم” وأما السنة النبوية، فجاءت نصوص كثيرة تحض على إتقان العمل وإحسانه، ويكفى لبيان أهمية إتقان العمل أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن أن الله عز وجل يحب من عبده أن يتقن عمله، فعن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه” رواه البيهقي في شعب الإيمان، فالله عز وجل يحب من عباده أن يتقنوا أعمالهم، ولا يرضى سبحانه عن العمل غير المُتقن، والمؤمنون ينبغي لهم أن يكونوا أتقن الناس لأعمالهم، وأحرصهم على تجويدها، وقد جعل النبي صلى الله عليه وسلم إتقان العمل فرضا واجبا.

فعن شداد بن أوس رضي الله عنه قال، قال صلى الله عليه وسلم “إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليُحدّ أحدكم شفرته، وليُرح ذبيحته” رواه مسلم، وقال ابن رجب رحمه الله ولفظ الكتابة يقتضي الوجوب عند أكثر الفقهاء والأصوليين خلافا لبعضهم، وإنما يُعرف استعمال لفظ الكتابة في القرآن فيما هو واجب حتم كقوله تعالى في سورة النساء ” فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلي جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت علي المؤمنين كتابا موقوتا” وقد قص علينا القرآن الكريم قصة ذي القرنين، وبيّن الحق تبارك وتعالى أن ذا القرنين قد بنى سدا محكما لم يستطع يأجوج ومأجوج رغم قوتهم أن يعلوه، ولا أن يتخذوا فيه نقبا ينفذون منه، فقال تعالى كما جاء في سورة الكهف.

” فما اسطاعوا أن يظهروه وما استطاعوا له نقبا” وهذا يدل على إتقانه لبنائه ومبالغته في تحسينه وتجويده، وإن الإسلام يحض أتباعه على تقديم المحسنين المتقنين، وفي هذا حض على الإتقان والإحسان يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله” رواه مسلم، ولما اجتمع المسلمون للتشاور في أمر الأذان، وتحيروا ماذا يختارون ليكون وسيلة يعلموا بها ميقات الصلاة، رأى عبدالله بن زيد في منامه رجلا، فأملى عليه هذا الرجل ألفاظ الأذان، فهذا عبدالله بن زيد رضي الله عنه قد رأى رؤيا الأذان، وهو أحفظ الناس لألفاظها، ومع ذلك يأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمها لبلال ليُؤذن بها، لماذا؟ لأن بلالا أندى صوتا، إذن هو أتقن وأحسن أداء لها من غيره، وهذا يدل على تقديم الإسلام للمتقنين المحسنين على غيرهم.

وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ينتقي لأداء العمل أشد أصحابه إتقانا لهذا العمل، ويغض الطرف عن مقومات أخرى ليست أساسية في العمل المطلوب، فلما أسلم عمرو بن العاص رضي الله عنه أمّره النبي على سريّة ذات السلاسل، وفيها من كبار الصحابة أبو بكر وعمر رضي الله عنهما، حتى ظن عمرو رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قدمه لمحبته له أكثر من غيره، وسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فبيّن له النبي صلى الله عليه وسلم منازل الصحابة رضوان الله عليهم، وقد ظهر في هذه الغزوة ما يدل على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما قدّمه لعلمه بالحرب وإتقانه لإدارة شؤونها، فهذا رجل قد أسلم حديثا، فليس له في الإسلام سابقة تؤهله لأن يتولى القيادة، لكن الذي أهّله لتولي هذا المنصب إنما هو علمه وإتقانه لأمور الحرب.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار