المقالات

الدكروري يكتب عن وصية الله تعالي بالوالدين

الدكروري يكتب عن وصية الله تعالي بالوالدين
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن العمل الصادق هو العمل الذي لا ريبة فيه لأنه وليد اليقين، ولا هوى معه لأنه قرين الإخلاص، ولا عوج عليه لأنه نبعٌ من الحق، والصادق لا تراه إلا في فرض يؤديه، أو فضل يعمل فيه، فعليكم بالصدق فالزموه وكونوا مع أهله، ففيه النجاة، وفيه الفرج، وإن صلاة النفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب، وإن إجابة الأم وبرها واجب، وعقوقها حرام، بل لقد وصَّى الله بالإحسان إلى الوالدين ولو كانا مشركين فقال تعالى كما جاء فى سورة لقمان ” وإن جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما فى الدنيا معروفا ” فما بالك بحقهما عليك وهما مؤمنان؟ وإن سير الصالحين مع الأمهات مآثر تدرس, وأخبار تروى, فحدث عن الوفاء, وعن السمو, وعن البر في أنصع الصور, وأرق المشاعر, قال محمد بن بشر الأسلمي لم يكن أحد بالكوفة أبر بأمه.

من منصور بن المعتمر وأبى حنيفة، وكان منصور يفلى رأس أمه، وكان أبو حنيفة يتصدق عنها بالأموال كل آن، وذلكم الصالح محمد بن المنكدر يقول بات أخي عمر يصلي، وبت أغمز رجل أمى، وما أحب أن ليلتي بليلته، وأما إمام الحديث بندار فقد حُرم الخروج للحديث لأجل أمه, استئذنها فلم تأذن, يقول بعد ذلك فبورك لى في العلم، فكم يأسى المرء اليوم وهو يسمع عن صور من صور العقوق، يندى لذكرها الجبين, قطيعة وبذاءة وتطاول باللسان وربما باليد، تأفف وتضجر، وإظهار للسخط وعدم الرضى حتى غدت منزلة الصديق عند الكثير من شباب اليوم أعلى قدرا ومكانة من الوالدين, وحتى قدم البعض رضى زوجاتهم على رضى أمهاتهم وآبائهم, ولربما أبكى أمه في سبيل أن يرقأ دمعة ابنه، والمصيبة تعظم حين تكون من ابن أراه الله نسله ويوشك إن لم يتب.

أن يرى ذلك العقوق في بنيه, فالبر دين والعقوق كذلك، أهكذا ينتهى الحال بأمك التي حملتك كرها، ووضعتك كرها، ورأت الموت مرات لأجلك, أهذا جزاء والدتك التي أرضعتك وربتك وغذتك ورعتك؟ مسكين أنت أيها العاق، تنام ملء جفنيك، وقد تركت والدين ضعيفين يتجرعان من العقوق غصصا، ونسيت أو تناسيت أنك ممهل لا مهمل، فعاقبة العقوق معجلة لصاحبها فى الدنيا قبل الآخرة، وفي الحديث يقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم “ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبة العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم” ولن تكفينا سطور وصفحات وأيام وشهور لنحصي وصف الأم وما تستحقه من بر وعطف وتكريم وعطاء وحنان امتنانا لما تفعله في كل لحظة، ولكن نحصر كل ذلك في كلمة واحدة.

وهي أن الأم هي النقاء والعطاء بكل صوره ومعانيه، وأن الله تعالى قد قرن بر الوالدين والإحسان إليهما بتوحيده سبحانه وتعالي، فقال تعالى فى كتابه الكريم ” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ” وقال ابن عباس رضي الله عنهما ثلاث آيات نزلت مقرونة بثلاثة، لا يقبل الله واحدة بدون قرينتها، أما الأولى فهى قوله تعالى كما جاء فى سورة محمد ” أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ” فمن أطاع الله ولم يطع الرسول صلى الله عليه وسلم فلن يقبل منه، وأما الثانية فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة البقرة ” وأقيموا الصلاة وءاتوا الزكاة ” فمن أقام الصـلاة وضيع الزكاة، لن يقبل منه، وأما الثالثة فهى قول الله تعالى كما جاء فى سورة لقمان ” أن اشكر لى ولوالديك” فمن شكر الله ولم يشكر لوالديه لن يقبل منه، وأما عن حياة البر ما أروعها من حياة، إنها حياة السعادة والطمأنينة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار