مراة ومنوعات

الدكروري يكتب عن الإيمان بالله الواحد الأحد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد جعل الإسلام الإيمان بالله الواحد، المتصف بالكمال المطلق، وبجميع صفات الكمال، أساسا لتطهير العقل، من الوثنية والخرافة لأنهما انحطاط بالعقل، إلى درك لا يليق بالإنسان، ولذلك حاربهما الإسلام حربا شديدة، في جميع صورهما الظاهرة والخفية، فحرم الإسلام الحلف بغير الله عز وجل، إبعادا للإنسان عن الوثنية والشرك، وتحقيقا لتنزيه الخالق عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من كان حالفا فليحلف بالله أو ليصمت” وحينما رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن الناس بدؤوا يتبركون بالشجرة التي جرت تحتها بيعة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت في سبيل الله، قطعها عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه ليقطع الطريق أمام وقوع الإنسان في التشبيه بين التوحيد وبين الشرك، ولكي يكون بعيدا عن الخلط بين الخالق وبين المخلوق.

لأن القسم لا يكون إلا بمقدس، وهو الله عز وجل، وإذا كان الإسلام اعتبر العبادات وسيلة لتطهير العقل والنفس والسلوك فقد وضع ضوابط تكفل تحقيق تلك الأهداف، من هذه الضوابط أن الإسلام حرر العبادة عن قيد الوساطة والوسطاء، فالمؤمن يتصل بربه عز وجل من غير وسيط ولا وسطاء، وحرر الإسلام أيضا العبادة من قيد المكان، فكل مكان صالح للعبادة وللتوجه إلى الله عز وجل، فحيث ما كان الإنسان في البر، أو في الهواء، أو في أعماق الماء، يستطيع أن يتصل بربه سبحانه فقال صلى الله عليه وسلم “وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا” وكما أن الإسلام أيضا وسع من مفهوم العبادة، فليست العبادة فقط صلاة وصياما، بل كل عمل مفيد نافع مباح مشروع، يعود على الفرد، أو على الجماعة بالخير، إذا فعله المسلم بنية التقرب إلى الله عز وجل.

والامتثال لأمره، فله ثواب المتعبدين، وله ثواب الطائعين، حتى العرض الدنيوى، والمتع الطبيعية، من أكل، أو شرب، أو نوم، أو نزهة بريئة، إذا قصد المؤمن بها أن يتقوى على طاعة الله، وعلى القيام بواجباته الدينية والدنيوية، إذا قصد بها أن يكون المؤمن القوي الذي عناه الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف” فإذا قصد بهذه المتع أن يعف عن المحرمات، وعن الانحرافات، سواء في نفسه، أو في أهله، أو في ولده، فهو في عبادة، ومن هنا ندرك أن الإنسان لم يحرم على المسلم متع الحياة، وإنما أراد منه أن يسلك فيها الطرق المشروعة، التي لا عدوان فيها، أو تجاوز على حقوق الآخرين، أو على حدود الفضيلة، أو على مصالح المجتمع، فالمسلم يتناول حظوظه، وهو مراقب لله عز وجل.

وهذه الحظوظ وسيلة للآخرة، وليست هدفا في الدنيا، وإنما يحقق قوله تعالى كما جاء فى سورة القصص ” وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة” ومن هنا عبر الفقهاء، وقالوا “إن النية الصالحة تجعل من العادة عبادة” أي تجعل من الأعمال الطبيعية العادية، ومن الحظوظ الدنيوية، عبادة من العبادات، ولهذا قال رسولنا صلى الله عليه وسلم “وإنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أجرت بها، حتى ما تجعل في في امرأتك” أي حتى ما تنفقه على نفسك وأهلك وولدك وزوجك إذا نويت بذلك أن تعفهم عن الحاجة وعن الحرام وعن الانحراف “فإن لك بذلك صدقة” وهذا من يسر الإسلام وعظمته، حتى جعل الأكل والشرب والنوم، عبادة من العبادات، إذا اقترنت هذه الأفعال بالنية الصالحة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار